السؤال
أعتذر مقدما لفضيلتكم ولكن بي ألم نفسي شديد.
فأنا أحس في كل لحظة أن الله معي في كل أموري الحمد لله، ولكن للأسف فأنا كلما أقوم للصلاة أشعر بالندم من ذنوبي التي فعلتها قبل الصلاة، ولكن للأسف أعود بعد الصلاة إلى المعاصي من جديد -- وهي للأسف بسبب الجلوس إلى النت والتحدث إلى الأجنبيات -- ولكن في الفترة الأخيرة لاحظت أنني كلما نويت أو كانت بداية عملي نية سيئة، فإنني في نهاية العمل أجده قد انقلب إلى خير بتوفيق الله، فمثلا أتحدث إلى أخت وأحكي معها وفي نفسي شيئ سيء، ولكن الكلام يأخذني معها إلى نصحها بالصلاة والانتظام فيها، وحذف بريدي من عندها وأشعر بأنها تأثرت من كلامي فعلا، وأني حصلت على ثواب، ويكون كلامي بنية صادقة لنصحه، وخوفي الآن أن لا يستمر توفيق الله لي في الابتعاد عن المعاصي، أو تغيير العمل الذي يبدأ بنية سيئة - دون عمل في أغلب الأحيان -- وينتهي بنية صالحة وعمل موفق في الخير في أغلب المرات من الله تعالى.
علما بأنني الحمد لله أواظب على الصلوات في موعدها بالمنزل لأنني مريض ولا أغادر المنزل، والحمد لله حافظ للقرآن الكريم كاملا، وهو الذي أشعر عند اقترافي للذنوب أنه يحرقني من داخلي، فكيف أرتكب المعاصي وفي داخلي القرآن؟ وهو ما يشعرني بالندم الشديد عند القيام للصلاة.
لكن أعترف لكم أن باقي يومي بالكامل أقضيه بالجلوس إلى النت، والتعرف على أصدقاء من الجنسين وليس هناك شيء آخر أواظب على فعله بخلاف ذلك.
وفي الفترة الأخيرة بدأت أواظب على إرسال رسائل دينية لكل من عندي على الماسنجر، والحمد لله قال لي أكثر من واحد أنهم بدأوا يبحثون عن المواقع الدينية والبحث فيها .
ولكني أعود بيني وبين نفسي وأجدني أضمر بعض النوايا السيئة، ولكن كما ذكرت من قبل أجد أن الله لا يوفقني في ارتكاب المعاصي في كثير جدا من المرات. فما نصيحتكم لي ؟
كما أطلب منكم جزاكم الله دعوة صادقة بظهر الغيب لي بأن يهديني الله، وينصرني على شر نفسي وشر الشيطان.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله سبحانه أن يقيك شرور نفسك وسيئات عملك، وأن يصرف عنك كيد الشيطان ومكره، وأن يعجل لك العافية والشفاء.
واعلم أيها السائل الكريم أن المحادثات التي تكون بين الشباب والفتيات عبر النت حرام، وهي من وسائل الشيطان لإضلال العباد والإيقاع بهم في مستنقع الشهوات المحرمة والعلاقات الآثمة، وقد بينا هذا في الفتاوى ذوات الأرقام الآتية: 80373، 97907، 93537.
وما تذكر من تحول الأمر من إرادة السوء والشر إلى الخير، والدعوة إلى سبيل الله، لا يسوغ لك ما تقوم به، لأن الغايات المحمودة لا تبررها الوسائل المحظورة، فكيف والغايات هنا ليست محمودة والأمر مصحوب من بدايته بنية السوء والشر كما تذكر، وماذا لو حرمت لطف ربك بسبب ذنوبك فوقعت في المحظور، وانتهى بك الحال إلى الولوج في الفواحش والمنكرات.
فالواجب عليك أن تتقي الله سبحانه وتنتهي عن مثل هذه المحادثات، وتتوب إلى الله سبحانه توبة صادقة عما سلف منك.
واعلم أنه ينبغي لحامل القرآن أن يوقر القرآن في صدره، وينأى بنفسه عن مواطن الشبهات بل وبعض المباحات فضلا عن المعاصي والمنكرات.
قال النووي رحمه الله: ومن آدابه (حامل القرآن) أن يكون على أكمل الأحوال وأكرم الشمائل، وأن يرفع نفسه عن كل ما نهى القرآن عنه إجلالا للقرآن. انتهى.
وقال الفضيل بن عياض: حامل القرآن حامل راية الإسلام لا ينبغي أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلغو مع من يلغو، تعظيما لحق القرآن. انتهى.
ثم إنا لنوصيك بأن تستغل الأوقات فيما يعود عليك بالنفع في أمر الدنيا والآخرة، واحذر من الفراغ والبطالة وإضاعة الأوقات فيما لا يفيد، فإن ذلك مفسدة للمرء أي مفسدة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ. رواه البخاري وغيره.
فمن أنعم الله عليه بنعمة الفراغ عليه أن يستغلها في طاعة الله، والقيام بأوامره، والإكثار من ذكره وشكره. قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا. {الفرقان: 62}.
والله أعلم.