السؤال
أنا أعمل في السعودية، وليس لي إخوة ذكور في بلدي؛ ليقوموا برعاية والديّ اللذين تجاوزا سن الخامسة والستين، فهل يجب عليّ العودة لرعايتهما؟ علمًا أن حالتي المادية ما زالت متوسطة، ومن الصعب عليّ إيجاد عمل جيد في بلدي الأصلي. جزاكم الله عنا كل خير.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الوالدين حقهما عظيم، والأجر في رعايتهما كبير، وعلى المرء أن يحرص على برهما، والإحسان إليهما، وترضيتهما بكل الوسائل، وقد وصانا الله سبحانه بهما، فقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا {الإسراء:23-24}، وقال: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا {الأحقاف:15}، وأوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم بهما أيضًا، وقد سأله رجل: من أحق الناس بحسن صحابتي، يا رسول الله؟ قال: "أمّك"، قال: ثم من؟ قال: "أمّك"، قال: ثم من؟ قال: "أمّك"، قال: ثم من؟ قال: "أبوك" رواه البخاري، ومسلم. وقال صلى الله عليه وسلم في حق الأمّ: فالزمها، فإن الجنة تحت رجليها. رواه النسائي، وابن ماجه، واللفظ للنسائي. إلى غير ذلك من الأحاديث.
وعلى هذا؛ فإن طلب والداك، أو أحدهما منك الرجوع، أو علمت من حالهما، أو حال أحدهما أنهما بحاجة إلى وجودك معهما، فإنه يتوجب عليك ذلك.
أما إذا لم يطلبا منك الرجوع، ولم يحتاجاك في الواقع، وكان بقاؤك بعيدًا عنهما من أجل العمل، وبرضاهما، فلا يجب عليك الرجوع، خاصة إذا غلب على ظنك صعوبة الحصول على عمل مناسب بالقرب منهما، على أن لا تطول فترة غيابك عنهما.
كما يجب عليك تفقد أحوالهما، والسؤال عنهما، والنفقة عليهما، إن كانا محتاجين لها، وعليك أن توكّل من تثق به على القيام بترتيب ما يحتاجانه، ولو بأن تؤجّره على ذلك، هذا إذا كانا لا يستطيعان القيام بمهامهما بأنفسهما.
والله أعلم.