السؤال
مورد للشركة التي أعمل بها وله مستحقات لدينا: عبارة عن فواتير من شهر 1 إلى 4، ونظرا لظروف السوق لم أتمكن من تجهيز مستحقاتة، وعرض علي المورد أن يعطيني 4000 مقابل أن أعطيه المبالغ المستحقة علينا وقال لي أنا أعرف ظروفك وتقبلها مني كهدية أومساعدة، وبالفعل وقعت جميع الشيكات المستحقة له ولكني أحببت أن أختبره، هل هذه رشوة أو مساعدة؟ فقلت له سوف أعطيك فقط مستحقات من 1 إلى 3 ـ رغم أنني وقعت فواتير شهر 4ـ وسوف أضع تواريخ الشيكات التي أراها مناسبة لظروف شركتي وسوف أتصل بك لإيقاف أي شيك إذا ظهرت أي مشكلة عندي في حساب البنك، ووافق على كل شروطي، فهذا المورد دفع المال لي كهدية أو مساعدة أو محبة لي، وذلك للوصول إلى أمر مستحق له وهو الحصول على أمواله التي تأخرنا في دفعها له، فهل هذه تعتبر رشوة؟ لأنه كان من الممكن أن لا أعطيه أمواله المستحقة علينا في هذا الوقت وأنتظر حتى يتحسن وضع الشركة التي أعمل بها، ولكن إذا تأخرت في السداد له ربما يوقف علينا توريد البضاعة للشركة التي أعمل بها.
الخلاصة:1-هذه الأموال حق له ومستحقة له وسوف يأخذها الآن أو في أى وقت آخر.
2- هل المبلغ الذي عرضه علي ليأخذ حقه وهو في حاجة إليه، حرام أم حلال؟.
3- المورد وافق على كل شروطي حتى لا أضر الشركة التي أعمل بها، وذلك بإيقاف الشيكات وبذلك لا يخصم قيمة الشيك من حسابنا في البنك، هل يعتبر ذلك رشوة أو مساعدة منه لي؟ وخصوصا أنه يعرف ظروفي التي أمر بها واستقبالي لمولود جديد.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه رشوة، ومما لا شك فيه أن الرشوة من كبائر الذنوب، ملعون صاحبها على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم: فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي .رواه أحمد وأبو داود، وهو عند الترمذي بزيادة: في الحكم. وقال: حديث حسن صحيح. وفي رواية: والرائش. وهو الساعي بينهما. وقال تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ {المائدة:42}. قال الحسن، وسعيد بن جبير هو: الرشوة. وقال تعالى: وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة: 188}.
إذاً فدفع الرشوة حرام، وقبولها حرام، وهذا في الرشوة التي يتوصل بها صاحبها إلى ما ليس له، وأما الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه، أو لدفع ظلم عنه أو ضرر، فإنها جائزة عند الجمهور، ويكون الإثم فيها على المرتشي دون الراشي.
قال ابن الأثير: فأما ما يُعطى توصلاً إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه، روي أن ابن مسعود أُخذ بأرض الحبشة في شيء فأعطى دينارين حتى خُلي سبيله، ورُوي عن جماعة من أئمة التابعين أنهم قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله، إذا خاف الظلم. انتهى.
إذن فالإثم هنا عليك إن قبلت تلك الرشوة وصاحب الحق معذور إن لم يستطع الوصول إلى حقه إلا بتلك الطريقة، وعليكم أن تدفعوا إليه حقه مادمتم موسرين، وتعطيل حقه عنه ظلم، لقوله صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم. متفق عليه.
وأنت لم تفعل إلا ما يجب عليك فليس لك أخذ عوض عنه ـ هدية كانت أوغيرها ـ فاتق الله عز وجل ورد إلى صاحب الحق ما أخذت منه، وأد إليه حقه إن كنت المسؤول عنه، وإياك والظلم فإنه ظلمات يوم القيامة، وإياك وأكل الحرام فكل جسم نبت من حرام فالنار أولى به، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت. رواه أحمد وغيره.
والله أعلم.