الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا فتاة في السادسة عشرة، ارتديت الحجاب السنة الماضية لكن أزلته و لم يعرف أحد لأني سافرت. أنا أريد أن أتحجب في الجامعة فأنا لبسي محترم ولا أخرج إلا مع أمي وأبي، ولكن أيضا أنا لست مقتنعة بالحجاب في أي عمر. وقد قرأت إجابتكم عن هذا ولكن لا جدوى فساعدوني فلماذا أتحجب؟ و لماذا لا يظهر من البنت شيء إلا لأقاربها أو زوجها؟ ماذا سيحدث إذا ارتدت البنت زيا محترما ليس حجابا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحجاب فرض لازم على البنت بمجرد بلوغها لا يجوز لها أن تؤخره، وقد بينا هذا في الفتوى رقم:5413.

ولا ندري -أيتها السائلة- مقصودك بقولك: إن لبسك محترم. فإن كنت تقصدين أن لبسك يحقق المواصفات الشرعية للحجاب المذكورة في الفتاوى التالية: 6745، 9428، 13914. من كونه ساترا لجميع البدن غير رقيق ولا ضيق وغير ذلك من الشروط، ولكنه ليس على الهيئة المتعارف عليها للحجاب في هذا الزمان فلا حرج عليك في ذلك، لأن الحجاب ليست له هيئة معينة بل أي لباس تحققت فيه هذه المواصفات فهو لباس شرعي.

أما إن كان لباسك لا يحقق هذه المواصفات فإنه لا يجوز لك لبسه والظهور به أمام الأجانب.

أما قولك: لماذا أتحجب؟ فنقول لك: امتثالا لأمر الله بالحجاب، فإن الغاية الكبرى من التكاليف الشرعية هي الامتثال فقيامك بالحجاب كإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وغير ذلك من الواجبات.

ثم اعلمي أن المرء لا يكون مؤمناً إيمانا كاملا لا خدش فيه ولا نقص إلا إذا حكّم شرع الله في حياته وانقاد إليه، ولم يبق في نفسه حرج من ذلك، قال تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً. {النساء:65}. وقال تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. {النور: 63}. وروى ابن خزيمة في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من رغب عن سنتي فليس مني.

وفي صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟! قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى.

فهذه النصوص وغيرها صريحة في وجوب الانقياد لحكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم، وما دمت أيتها الأخت الكريمة قد علمت فريضة الحجاب مما ورد في صريح القرآن وصحيح السنة فأي عذر لك بعد ذلك في تركه؟!.

ثم لا يخفى على منصف ما في الحجاب من مصالح عظيمة معقولة المعنى زيادة على مجرد التعبد، وذلك أن الله جل وعلا قد ركب في الذكر والأنثى ميل كل واحد منهما لصاحبه وهذا مشاهد معلوم، ومما لا شك فيه أن المرأة إذا خرجت متبرجة كاشفة عن مفاتنها فإن هذا سيثير شهوات الرجال ويحرك غرائزهم، وهذا فيه ما لا يخفى من المفاسد للرجل والمرأة والمجتمع كله، وقد سمعنا وما زلنا نسمع ما ترتب على خروج النساء متبرجات من مفاسد عظيمة حتى وصل الأمر في بعض البلاد الإسلامية إلى تحرشات جماعية في الشوارع ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ثم كيف ترضى الفتاة لنفسها أن تخرج من بيتها كاشفة عن مفاتنها فتصير بذلك سلعة رخيصة ينظر إليها أصحاب القلوب المريضة ويكادون ينفذونها بأبصارهم، فتستثير شهوات ذوي القلوب المريضة ، وتفتن أهل الخير والصلاح فترجع إلى بيتها وقد حملت أوزار إضلال الناس وصدهم عن سبيل الله.

فاتقي الله أيتها السائلة واعلمي أنك لن تتحققي بالإسلام على الحقيقة ولن تذوقي طعم الإيمان إلا إذا امتثلت لحكم الله سبحانه وقابلت أوامره كلها بالانقياد والتسليم، حتى وإن كانت على خلاف هواك.

وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 124404. ففيها بيان وجوب الحجاب على الفتاة سواء خرجت بمفردها أم مع عائلتها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني