السؤال
فضيلة الشيخ أحسن الله إليك: أنا أخت تعرفت على أخ من بلد آخر غير بلدي عن طريق الإنترنت واتفقنا على الزواج بعلم أهلنا وتزوجنا من شهرين وسافرت معه إلى بلده وبعد فترة ندمت على زواجي منه، حيث إنه فقير ودخله متوسط ويعمل كعامل حلويات في محل في بلده، فاليوم الذي يعمل فيه يدفعون له، واليوم الذي لا يعمله فيه لا يأخذ شيئا، وأنا مثقفة ومعي دراسات عليا وهو إعدادي، واتفقنا أن أعمل أيضا في بلده لأساعده، لكن تعذرعلي وجود عمل هناك بسبب أمور إدارية، فيجب أن تكون عندي هوية البلد وجنسيته، وما ضايقني منه أنه لا يحافظ على صلاته في الوقت، فأحيانا يحافظ عليها، ووأحيانا لايحافظ عليها، وضايقني منه أيضا أنه يدخن، مع أنه يعلم أنني أكره الدخان وفي كل مرة أطلب منه تركه وأنه حرام يطلب مني مساعدته على تركه، ويعتذر مني حينما يعلم أنني أعلم أنه يدخن، ثم يرجع ثانية ويدخن من وراء ظهري، وكنت أعلم أنه فقير لكنني أحبه، ولا أستطيع الصبر على وضعنا، خصوصا وأنه تعذر علي إيجاد عمل وأرى سنوات دراستي ستضيع أمام عيني ولا أشعر معه بالأمان المادي وأخاف من المستقبل، خصوصا أن البلد مهدد بالحرب في أي وقت من طرف إسرائيل، فقررت العودة لبيت أهلي في بلدي بقصد استشارتهم في وضعي وطلب النصح وسافرت بحجة أن جدتي مريضة جداً وتطلب رؤيتي ـ وهذه طبعا كذبة ـ حتى يتركني أسافر، ولما حكيت لأهلي الوضع بالكامل منعوني من أن أعود إليه نهائيا ونصحوني بالطلاق، لكن زوجي بعدما صارحته بالوضع وطلبت منه الطلاق رفض بدعوى أنه يحبني ولا يستطيع أن يعيش بدوني ووعدني أنه سيتغير لأجلي، أقسم لي بعدها أنه ترك الدخان وأنه التزم بصلاته وأنه زاد ساعات إضافية في عمله بحيث يزيد من دخله، ووقتها أحسست أنه لم يبق عندي أي سبب وخفت أن أكون ممن قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة طلبت الطلاق من زوجها بدون بأس لا تشم رائحة الجنة.
وقررت أن أعطيه فرصة وأعود إليه، لكن أهلي رفضوا نهائيا وهددتني أمي بأنها لن تكلمني بعد اليوم وأن لا أتصل بها يوما أو أسأل عنها ومهما وقع لي فلن يتدخلوا لمساعدتي، وزوجي يطلب مني السفر من غيرعلمهم وأنا لا أستطيع فعل ذلك حتى لاأخسر أهلي، وطلبت منه أن يأتي هو لبلدي ونستقر هنا، حيث إن والداي قبلوا بهذا الحل وأساعده ليعمل في التجارة وأشتري له محلا، وبدوري أعمل ونساعد بعضنا ونعيش، خصوصا أنني أحبه وأحاول أن أنقذه، لكنه رفض العيش معي في بلدي لأسباب عدة، منها أنه لا يستطيع ترك والدته فهي متعلقة به كثيراً، لأنه وحيدها، وأيضا بسبب تعامل أهلي معه، حيث إن أبي وبخه وقال له الأفضل لكما الطلاق وزوجي أصبح يحمل في قلبه حقداً على أهلي ولا يريد أن يأتي ليذل نفسه لهم ويمشي وراء أوامرهم مثل ما قال وطلبت منه أن يأتي إلى بلدي لمحاولة الصلح ويحاول أن يقنع أهلي بأن وضعنا ـ إن شاء الله ـ سيتحسن عن قريب وبالصبر والله هو الرزاق، ولكنه رفض بحجة أنه ليس لديه نقود للسفر وإجراآت أخذ تأشيرة الدخول لبلدي ـ وهي فعلا صعبة وتتطلب وقتا ـ وأخبرني أن سفري إليه أسهل وأهلي سيرضون عني عاجلا أم آجلا وأخبرني أنني أنا من علي أن أرد اعتباره أمام أهلي بالرجوع إليه، وبعدها نسافر معا كل سنتين لزيارة أهلي، ولكن أهلي لا يصدقونه ويخافون أن يمنعني من الرجوع لبلدي ثانياً أو يؤذيني بسبب ما وقع، فماذا أفعل شيخنا؟ علما بأنني أعيش معه في بيت أهله مع أبيه وأمه وأختيه الاثنتين ولا أشعر بالراحة، بل أشعر أنني ضيفة عندهم، ولا يستطيع زوجي الآن شراء بيت أو تأجيره بسبب ظروفه المادية، وطلب مني أن أصبر معه سنة في انتظار أن نوفر ما نؤجربه بيتا، وإذا سافرت الآن إلى زوجي أكون بذلك قد أغضبت أهلي وخسرت مودتهم ورضاهم علي، وهم غير راضيين أبداً عن عودتي إلى زوجي في بلده ويخافون علي وندموا أصلا أنهم زوجوني له بسبب بعد المسافة ووضعه المادي، وأخبرتني أمي أن الأهل يزوجون بناتهم حتى يطمئنوا عليهم ونحن غير مطمنين عليك، ومعه ستتعذبين، وزوجي في نفس الوقت يضغط علي كل يوم بضرورة العودة وأنه يحتاجني وأحيانا يخيرني بينه وبين أهلي ويقول لي: لو اخترت أهلك ظلي عندهم، ولو اخترتني فباب بيتك مفتوح لك والبيت أصلا يعود لأمه، ويعدني أنه سيهتم بي ويكون نعم الزوج الصالح لي ويعوضني عن كل شيء، لكني أخاف أن أسافر رغماً عن أهلي وأندم ثانية على زواجي منه وأكون خسرت كل شيء ـ أهلي وزوجي ـ مع أنني أحبه وأعلم عنه الطيبوبة وأنه يحبني، ولكني أخاف أن يغير معاملته معي بعد ما وقع بيننا من مشاكل، خصوصا أنه أصبح عصبيا وغير من نبرة صوته في تعامله معي، والله المستعان، أشعر أن ربي ينتقم مني بسبب انتهاكي لحرماته واسأله تعالى بمنه وكرمه أن يغفر لي ويتوب علي برحمته التي وسعت كل شيء، أفتني يا شيخ في مسألتي كتب الله أجرك ولا تنساني من صالح الدعاء.