السؤال
هل يحل للزوجة ترك بيتها إذا كانت تعبانة من أجل الحمل ـ حتي ولو رفض الزوج؟ وبدون استئذانه علما بأن زواجهم لم يكمل 4 أشهر، وهي مكثت في بيت والدها حوالي 6 أشهر حتى الآن، والأسئلة هي:1- متى يحق للمرأة ترك بيت الزوجية ولا تنطبق عليها صفة اللعنة؟2- هل يحق لها طلب الخلع؟ وبدون إعطاء سبب مقنع سوى أن هناك تراكمات زوجية. 3- الزوج حاول بجميع الطرق المشروعة وغيرها الإبقاء على الأسرة، ولكنها ترفض حتى الحديث إليه وعندما كانا يتحدثان كانت ترد عليه بطريقة : أن عائلته ـ زبالة ـ وأنها تعمل أي شغل وقتما تريد، وأنها دائمة التعب.4- متى يحل لها أن تطلب الخلع؟ وهل يصح لها الخلع إذا لم يوافق الزوج؟.5- عندما يتحدث الزوج في الدين يقولون له: لست أنت من يعلمنا؟ وأنت لا تفهم حاجة ـ والآن لا تريد الرد على الزوج.
ما حكم الدين في كل ما سبق لتكون حكما بيننا؟ بخصوص: حكم من أهل الزوج، وحكم من أهل الزوجة. وجه كلمة لكل واحد منهما، وما هو المفروض أن يعمله؟ لأن مثل هذه القضايا تتكرر باستمرار وأصبح من العادي أن أي واحدة تترك بيت الزوجية وتقول إن عندها عذرا ولن تكون ملعونة بدون أن تعطي أي مبرر سوى أن هناك اختلافات وتراكمات، رغم أن الزواج لم يستمر 4 أشهر حتى الآن.
هل الاختلافات البسيطة مثل: اعملي كذا أو لا تعملي كذا تسبب هذا كله؟ هل لابد من الجدال فيها؟ أم أن الإسلام أمر بطاعة الزوجة لزوجها لتستمر الحياة ويحن عليها الزوج؟.
علما بأن الزوج أيضا في بعض الأوقات كان ينفعل عليها ويخاصمها بدون ضرب، وذلك لعدم سمعها لكلامه ولم يفلح تدخل الأهل سوى أن الخلافات زادت وأصبحوا مصرين على الطلاق.
آسف للاطالة ولكني أحاول أن أنقل صورة كاملة عن المشاكل الأسرية التي أدت إلى نسبة زديادالطلاق جدا في مجتمعاتنا، ولابد من تدخل سيادتكم حتى لا تنهار الأسرة الإسلامية ويصبح الزواج مقتصرا على المتبرجات، لأنه ـ وللأسف ـ هناك من يدعون التدين ولا يحكمون الدين عند حدوث مشكلة ولا يسمعون لآراء أحد، لأنهم يعتقدون أنهم هم الأصح.
وشكرا لسيادتكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فخروج المرأة من بيت زوجها بغير إذنه غير جائز، إلا للأمور التي لا بدّ لها منه، كالعلاج الضروري، والحج والعمرة الواجبين، والعمل للتكسّب إذا كان زوجها معسراً.
قال الخطيب الشربيني: وَالنُّشُوزُ يَحْصُلُ بِخُرُوجِهَا مِنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ، لا إلَى الْقَاضِي لِطَلَبِ الْحَقِّ مِنْهُ وَلا إلَى اكْتِسَابِهَا النَّفَقَةَ إذَا أعْسَرَ بِهَا الزَّوْجُ، وَلا إلَى اسْتِفْتَاءٍ إذَا لَمْ يَكُنْ زَوْجُهَا فَقِيهًا وَلَمْ يَسْتَفْتِ لَهَا.
وقال الرحيباني: وَيَحْرُمُ خُرُوجُهَا: أيْ الزَّوْجَةِ بِلَا إذْنِهِ أيْ: الزَّوْجِ، أوْ بِلَا ضَرُورَةٍ كَإِتْيَانٍ بِنَحْوِ مَأْكَلٍ، لِعَدَمِ مَنْ يَأْتِيهَا بِهِ. وانظر الفتوى رقم : 110905.
وأمّا عن الخلع، فيجوز للمرأة أن تختلع من زوجها إذا كانت مبغضة له وخافت ألا تؤدي حق الله معه، ولا يجوز الخلع لغير مسوّغ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: المختلعات هن المنافقات. رواه الترمذي، وصححه الألباني.
والأصل في الخلع أن لا يتم إلّا برضا الزوج، لكن إذا رفض الزوج أن يجيب المرأة وكانت متضررة بالبقاء معه، فإن للقاضي الشرعي أن يلزم الزوج بالخلع، وانظر الفتوى رقم: 105875.
والأولى للزوج أن يجيب الزوجة إليه إذا طلبته لسبب مشروع، قال ابن مفلح: يباح الخلع لسوء عشرة بين الزوجين، وتستحب الإجابة إليه.
ولكن الأولى للزوجة أن لّا تبادر إلى خلع زوجها فتهدم بذلك كيان أسرتها، وإنّما ينبغي لها أن تصبر وأن تعاشر زوجها بالمعروف، ولتعلم أنّ حق الزوج على زوجته عظيم، ولا يجوز لها أن تخاطبه بما يهينه أو يهين أهله وهي مأمورة بطاعة زوجها في المعروف، ولمعرفة حدود طاعة المرأة لزوجها، راجع الفتوى رقم :115078.
كما أنّ على أهل الزوجة أن ينصحوها بمعاشرة زوجها بالمعروف وأن لّا يعينوها على معصية زوجها وأن يتعاملوا معه بإنصاف ويقبلوا نصحه بالمعروف.
وعلى الزوج أن يتعامل مع زوجته بحكمة، وخصوصا في زمن حملها، فإنها في الغالب فترة شاقة على النساء وأن يسعى لحلّ خلافاته مع زوجته دون تدخل أحد، فإذا لم ينفع ذلك فليتوسط بعض العقلاء ذوي الدين من الأقارب لحلّ النزاع.
والله أعلم.