السؤال
امرأة أُجبرت على الزواج برجل لا تحبه، ويكبرها باثني عشر سنة، وقد هددت بالقتل في حال الرفض بسبب جشع وطمع أخيها وعائلتها بمال العريس، ورغم أنها أبلغت العريس أنها لن تسعده ولا تحبه، وأنه إذا لامسها فكأنما يلامس أخته وكل محارمه، فقد دفع مبلغا طائلا للأخ الكبير، وكان يجبرها أن تعاشره بعد أن تزوجها، والآن بعد أكثر من عشر سنين هذه المرأة لا زالت تعيسة، وقد امتنعت مؤخراً عن معاشرته، ووافقت أن يتزوج بامرأة ثانية وهي تطيعه في كل الأمور عدا المعاشرة، حيث لا تستطيع أن تطلق منه بسبب رفضه، وبسبب العادات العشائرية التي تعاقب المرأة أسوأ العقاب. فما حكم ما فعلته هذه المرأة؟ وما فعله زوجها بالإكراه أفتونا مأجورين؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما فعله هذا الأخ من إجبار أخته على الزواج ممن لا تريد وتهديده لها بالقتل ظلم بلا شك، وقد كان من حقها المطالبة بفسخ هذا الزواج، لكن إذا كان قد حصل منها رضا بعد الزواج ومكنته من نفسها، فلا حق لها في الفسخ، قال الحجاوي (الحنبلي): ويحرم تزويجها بغير كفء بغير رضاها ويفسق به الولي ويسقط خيارها بما يدل على الرضا من قول أو فعل. الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل.
وما دامت في عصمته فلا بد أن تؤدي حقه، ولا يجوز لها الامتناع من معاشرته، فمن أعظم ما تجب فيه طاعة الزوجة لزوجها أمر الاستمتاع ما لم يكن لها عذر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح. متفق عليه.
وإذا كانت مبغضة له ولا تقدر على القيام بحقه، فلها طلب الخلع منه ويمكنها رفع هذا الأمر للقاضي الشرعي، فعليها أن توازن بين الأمرين وتختار أخفهما ضرراً، إما الصبر عليه ومعاشرته بالمعروف، وإما طلب الخلع، أما أن تظل في عصمته وتمتنع من معاشرته فذلك لا يجوز.
والله أعلم.