السؤال
لقد قام زوجي في لحظة غضب وبعد حوارعنيف بيننا برمي يمين الطلاق لأول مرة وقد أتى بكتاب القرآن وقال بالتحديد: يا رب اشهد أنني طلقتها، طلقتها، طلقتها، وأنها حرمت علي، حرمت علي، حرمت علي، وكان في حالة هيجان وغضب، وهو نادم على ما قاله، فهل يعتبر هذا الطلاق نهائياً لا رجوع فيه؟ أم تحق لنا العودة؟ مع العلم بأنه تم الجماع بيننا في نفس تلك الليلة بعد أن تصالحنا، أرجوكم أريد حلاً لكي يطمئن قلبي.
وشكراً، أنتظر الرد بفارغ الصبر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان زوجك قد تلفظ بالطلاق والتحريم أثناء الغضب الشديد، بحيث كان لا يعي ما يقول فلا شيء عليه لارتفاع التكليف عنه حينئذ فهو في حكم المجنون، كما تقدم ذلك في الفتوى رقم: 35727.
وإن كان يعي ما يقول فقد كرر كلا من الطلاق والتحريم ثلاثاً، وتفصيل الحكم في ذلك على النحو التالي:
أولاً: الطلاق وقد كرر قوله ـ طلقتهاـ ثلاثاً، فإن قصد التأكيد بمعنى: أنه قصد إنشاء الطلاق بالعبارة الأولى فقط وجعل ما بعدها تأكيداً أولم ينو شيئاً لزمته طلقة واحدة، وإن قصد التأسيس يعني: قصد إنشاء الطلاق بالعبارات الثلاث كلها فقد وقع الطلاق ثلاثاً وحرمت عليه زوجته حتى تنكح زوجاً غيره نكاحاً صحيحاً نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقها بعد الدخول، قال ابن قدامة في المغني: فإن قال: أنت طالق طالق طالق، وقال: أردت التوكيد قبل منه، لأن الكلام يكرر للتوكيد، كقوله عليه السلام: فنكاحها باطل باطل باطل.
وإن قصد الإيقاع، وكرر الطلقات، طلقت ثلاثاً، وإن لم ينو شيئاً، لم يقع إلا واحدة، لأنه لم يأت بينها بحرف يقتضي المغايرة فلا يكن متغايرات. انتهى.
ووقوع الثلاث عند قصد التأسيس هو مذهب جمهور أهل العلم ـ بمن فيهم المذاهب الأربعة ـ وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه تلزم طلقة واحدة على كل حال، وراجعي في تفاصيل ذلك الفتوى رقم: 54257، وإذا وقع الطلاق ثلاثاً فإن قوله ـ حرمتهاـ ثلاثاً يعتبر لغواً، لكونه لم يصادف محلاً، لوقوعه بعد تحريم الزوجة، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 116418.
ثانياً: التحريم وقد كرره ثلاثاً، ويرجع فيه إلى نية زوجك وقصده ولا يخلو من: أن يكون قد قصد الطلاق أوالظهار أوالإيلاء أواليمين أولم يقصد شيئاً، فإن قصد الطلاق فينطبق عليه الحكم المتقدم في تكرار الطلاق وإن قصد الظهار لزمته كفارة واحدة، كما تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 59996، وهذه الكفارة تقدم بيانها في الفتوى رقم: 192، وإن قصد اليمين بالله تعالى أولم يقصد شيئاً لزمته كفارة يمين واحدة، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 126480، وتقدم تفصيلها في الفتوى رقم: 107238.
وفي حال وقوع الطلاق ثلاثاً فأنت أجنبية منه ومعاشرتك أمر محرم وعليك الابتعاد عنه فوراً والتوبة إلى الله وإتيان زوجك بالمصحف وإشهاد الله تعالى هو مما يؤكد يمينه، لكنه لا تأثير له في الحكم الشرعي الذي ذكرنا وننصحك بمراجعة المحكمة الشرعية في بلدك للنظر في مختلف جوانب المسألة.
والله أعلم.