السؤال
أنا امرأة أبلغ من العمر24سنة وكنت إذا طهرت من الحيض وقت صلاة العصر أصلي العصر فقط، وإذا طهرت وقت صلاة العشاء أصلي العشاء فقط، وأحيانا كنت أطهر من الفجر، لكن لا أعلم ولا أتأكد من طهري إلا في نهاية اليوم فلا أصلي إلا الصلاة التي دخلت وقت اغتسالي، وكنت أيضا إذا جاءني الحيض وقت صلاة الظهر ولم أصلها بعد لا أقضيها بعد طهري، فكنت أفعل هذه الأشياء لجهلي وعدم علمي بالأحكام، وعندما علمت بالحكم التزمت به، لكنني كنت في حيرة من الصلوات التي كنت أفوتها جهلا مني، فقررت أن أتحرى عدد السنين وعدد الحيضات وعدد الصلوات فقدرت عددها ـ تقريبا ـ فكان العدد كثيرا يصل إلى1000صلاة أي 200 يوم فبدأت أقضي قبل كل صلاة مفروضة صلاة قضاء واستمررت على هذا الحال إلى أن قالت لي صديقة أنه لا يلزمني قضاء هذه الصلوات، لجهلي بالحكم وقتها وعدم تعمدي فتوقفت عن القضاء، لكن قبل أيام قرأت فتوى جاء فيها: إذا كان قضاء الصلوات ممكنا فقضاؤها أفضل، وأنا الآن توقفت عن قضاء الصلوات، مع أن عددها تقلص، لكنني لست متأكدة مما بقي من الصلوات في ذمتي، فقدرتها من28 يوما إلى 76 يوما، فإذا كنت سأقضيها فسأقضي 76 يوما درءا للشك، لكنني لم أعد أعلم هل يجب علي قضاؤها؟ أم كما قالت لي صديقتي عفا الله عما سلف؟ فما الحكم الواجب علي؟ فأنا لا أريد أن يوافيني الأجل وفي ذمتي صلاة واحدة؟ وهل يغفر لي ربي لجهلي بالحكم؟.
أرجو منكم الإجابه الوافية الكافية الواضحة في أقرب وقت، فالإنسان لا يعلم متى يحين أجله؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فشكر الله لك حرصك على الخير وتحريك لما يوجبه عليك الشرع ونسأله تعالى لك المزيد من التوفيق والثبات، ثم اعلمي ـ أولا ـ أن العلماء اختلفوا فيما إذا طهرت المرأة قبل المغرب أو قبل الفجر: فذهب الجمهور إلى أنه تلزمها صلاة الظهر والعصر فيما إذا طهرت في وقت العصر، ويلزمها المغرب والعشاء فيما إذا طهرت في وقت العشاء، وهذا القول هو الراجح لموافقته فتوى الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 120367.
وذهب فريق من العلماء ـ وهو مذهب الحنفية وترجيح العلامة العثيمين رحمه الله: إلى أن المرأة إذا طهرت في وقت العصر فلا يلزمها إلا صلاة العصر، وإذا طهرت في وقت العشاء فلا يلزمها إلا صلاة العشاء، وإذا طهرت المرأة من حيضها لزمها أن تغتسل وتصلي الصلاة في وقتها، لقول ابن عباس رضي الله عنهما: ولا يحل لها إذا رأت الطهر ساعة إلا أن تغتسل.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الدم إن انقطع قبل تمام العادة ولم تر القصة البيضاء فإن لها أن تنتظر اليوم ونصف اليوم حتى تتيقن من انقطاع الدم وهو ما رجحه ابن قدامة، قال ـ رحمه الله: ويتوجه أن انقطاع الدم متى نقص عن اليوم فليس بطهر بناء على الرواية التي حكيناها في النفاس أنها لا تلتفت إلى ما دون اليوم وهو الصحيح ـ إن شاء الله ـ لأن الدم يجري مرة وينقطع أخرى، وفي إيجاب الغسل على من تطهر ساعة حرج ينتفي بقوله: وما جعل عليكم في الدين من حرج. اهـ.
وهذا فيما إذا انقطع الدم ورأت الجفوف، أما إذا رأت القصة البيضاء فلا خلاف في وجوب الغسل عليها، قال ابن قدامه: فعلى هذا لا يكون انقطاع الدم أقل من يوم طهرا إلا أن ترى ما يدل عليه مثل أن يكون انقطاعه في آخر عادتها أو ترى القصة البيضاء. انتهى.
والقول الأول ـ وهو أن انقطاع الدم يحصل به الطهرـ هو الراجح عندنا لقول ابن عباس المتقدم، فإذا علمت أن الراجح عندنا في المسألتين ـ جميعا ـ هو خلاف ما عملت به فاعلمي أن العلماء اختلفوا في من ترك الصلاة أو شرطا من شروطها أو ركنا من أركانها جاهلا: هل يلزمه القضاء أو لا؟ على قولين بيناهما في فتاوى كثيرة فانظري منها الفتويين رقم: 109981 ورقم: 125226، ومذهب الجمهور هو لزوم القضاء، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية عدم لزوم القضاء، وهو قول له قوة واتجاه، وإن كان مذهب الجمهور أحوط وأبرأ للذمة.
وما دمت قد عملت به وقضيت الأكثر مما فاتك من الصلوات فالأولى أن تكملي قضاء ما بقي عليك بما يغلب على ظنك حصول براءة الذمة به.
وإذا شككت في الوقت الذي حصل فيه الطهر فعليك باستصحاب الأصل وهو بقاء الحيض حتى يحصل يقين الطهر، قال النفراوي في الفواكه الدواني: وإذا رأت علامة الطهر غدوة وشكت هل انقطع حيضها قبل الفجر أو بعده؟ فلا يلزمها قضاء صلاة الليل حتى تتحقق أنه انقطع قبل الفجر. انتهى.
وكذلك وقع الخلاف بين أهل العلم فيما إذا حاضت المرأة في أثناء وقت الصلاة فهل يلزمها قضاؤها إذا طهرت؟ والراجح أن ذلك لا يلزمها وهو مذهب الأحناف والمالكية واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ كما أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 120367، وعليه فلا يلزمك قضاء تلك الصلوات التي أتاك الحيض أثناء وقتها، وإن قضيت هذه الصلوات احتياطا وطلبا لبراءة الذمة كان ذلك أولى وأحسن.
والله أعلم.