الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التعارف بين الجنسين باب فتنة، وذريعة فساد.

السؤال

أرجو الرد سريعا، لأنني بحاجة إليه فهناك حاجات كثيرة غريبة تحصل لي ولا أعرف سببها: فأنا أعمل صحفية وفى بداية حياتي العملية تعبت كثيرا في شغلي وأجتهد وبقيت لي سنة في الصحافة، ولكنني تعرضت لظلم كبير في الشغل وقالوا عني كلاما يسيء لسمعتي وسرقوا مني شغلي وادعوا علي بالكذب ودعوت كثيرا في رمضان أن يرفع الله عنى الظلم، ولكنني فوجئت بعد رمضان أن ظلمهم لي ازداد ونظرت حولي فوجدت الناس جميعها بعيدون عني فتعبت كثيرا في عملي، ولكنني لم أجد نتيجة جهدي وأحيانا مقالاتي لا تنشر بالرغم من أنني تعبت كثيرا وأعاني من قلة في الرزق ولا أعلم سببها فأنا لا أؤذي أحدا أبدا، ولكن ألاحظ كثيرا أنني كل ما أعمل خيرا أجد أمامه كثيرا من الشر، تعرفت على زميل لي بالجريدة التي أعمل بها من حوالي سنة، ولكنه مسيحي الديانة وعندما اقتربت منه أكثر وجدته على كفر بين، ولكنه كان يلتقي بأناس في حياته أضلوه وأفهموه الإسلام خطئا وهؤلاء الناس مسلمون فاتبعهم واستند لكتب غير موثوق بها فزادت من ضلالته فبكيت عليه يوما من قلبي وأحببت أن أذيقه حلاوة قرب الله بالإسلام فدعوت الله أن يعينني على هدايته فرأيت رؤيا أنه مسافر لمكة ووجدته في الحلم يود أن يصلي مع المسلمين فحكيت له الحلم وبدأت أشرح له الإسلام بالأدلة والبراهين ـ ويعلم الله ـ كم تعبت معه؟ وكم بكيت عليه ودعوت الله أن يجعلني سببا صغيرا في نصرة الإسلام؟ ولكنني فوجئت بعدها بفترة ببعد الناس عني وظلمهم لي وشهدوا علي زورا ووجدت رزقي يقل أكثر مما كان عيه ووجدت أمي تصدق ما قالوه عني، وباختصار: دائما أعمل الخير وأجتهد فيه ـ ووالله العظيم ـ لا أكن لأي أحد سوءا، ولكنني أجد الهموم والظلم تلاحقني دون سبب واضح وأحتاج إلى أحد يقف بجانبي فأنا وحيدة، فهل هذا غضب من الله؟ ولو كان غضبا فأنا أسعى دائما لعمل الخير ومساعدة الناس أقسم بالله إنني أساعد الناس ولا أعرفهم، ولكن أقابلهم بالصدفة فلماذا يحدث كل هذا؟ لا أجد تفسيرا لكل هذا.
وعندي استفسار آخر: وهوأنني أجد كل من اعتدوا علي ينجحون في حياتهم ويفرحون، بالرغم من أنهم معظمهم كفروا بالله، وبعضهم شهد علي زورا، والبعض كان يرمي المحصنات، فأنا أستغرب لحالهم وحالي كمظلومة.
وآخر استفسار لي هو: هل الشخص الذي يظل طوال الوقت غارقا في أحلام اليقظة ويجلس لفترات طويلة يتحدث مع نفسه كالمجنون به مرض نفسي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلمي أنّ إجابة الدعاء لا يلزم بالضرورة أن تكون بتحققّ المطلوب، فعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلاَّ أعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاث:ٍ إِمَّا أنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآخِرَةِ، وَإِمَّا أنْ يَصْرِف عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ: اللَّهُ أكْثَرُ. رواه أحمد.

والدنيا دار عمل لا دار جزاء، والآخرة هي دار الحساب والجزاء، والله تعالى حليم لا يعاجل العاصي بالعقوبة، بل قد يفتح عليه الدنيا استدراجاً وقد يعجّل الله للعاصي شيئاً من العقوبة ليرجع إلى ربّه ويتوب من معصيته، والسعيد من يبادر بالتوبة ويرجع إلى ربّه.

ولا شكّ أنّ المعاصي سبب لنزول البلاء، فقد قيل: لم ينزل بلاء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة، قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى : 30}.

وقال ابن القيم: ومن عقوبات الذنوب أنها تزيل النعم وتحل النقم، فما زالت عن العبد نعمة الا لسبب ذنب ولا حلت به نقمة إلا بذنب. الجواب الكافي.

والإنسان قد يظنّ بنفسه خيراً ويحسب أعماله برّاً وفضلاً، ويكون الأمر على خلاف ذلك، والمرجع الصحيح لمحاسبة النفس والميزان العدل لتقويم الأعمال هو الشرع الحنيف.

فاعلمي أنّ ما كان منك من تعارف مع زميل العمل هو أمر لا يقرّه الشرع، فلا يقرّ الشرع علاقة زمالة أو صداقة بين رجل وامرأة أجنبية عنه، لما يجرّه ذلك من الفتن وينطوي عليه من المفاسد والشرور.

ويزداد الأمر سوءا بكونه غير مسلم، وتبرير التعارف بهذا الرجل بالرغبة في دعوته إلى الإسلام، إنما هو تلبيس من الشيطان واتباع لخطواته واغترار بتزيينه، فذلك باب فتنة، وذريعة فساد.

فالواجب عليك التوبة إلى الله وقطع علاقتك بالرجال الأجانب والتزام حدود الشرع والتأدب بآدابه، ومما يعينك على ذلك مصاحبة الصالحات وسماع المواعظ النافعة، وعليك أن تتعلمي ما يلزمك من أحكام الشرع وتجتهدي في التقرّب إلى الله بما شرعه، وسوف تجدين الخير كلّ الخير في الدنيا والآخرة ولن يضيع عملك أبداً، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ {يوسف:90}.

أمّا عن الشخص الذي يتمادى في أحلام اليقظة ويحدّث نفسه طويلاً، فيمكنك التواصل مع قسم الاستشارات بالشبكة في شأنه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني