السؤال
أعمل كمهندس تعاقدات في شركة نفطية ولدي تساؤل ذو شقين ويهم الكثير إن لم يكن كل العاملين في مجال النفط والغاز. أنا أعمل في هذا المجال منذ أكثر من 10 سنوات وترقيت حتى وصلت لرتبتي هذه.
وسؤالي كالتالي: في الدول العربية جميع التعاقدات بين الشركات الكبرى (الأم) والشركات المقاولة من الباطن العاملة لديها تخضع للقانون التجاري الدولي وبالذات القانون البريطاني، وجميع هذه الاتفاقيات تحتوي على بنود تلزم بموجبه الشركات الكبرى الشركات المقاولة العاملة لديها بإخضاع جميع معداتها وموظفيها العاملين تحت الاتفاقية للتأمين أو القيام بالتأمين عليهم. فهل يعد هذا من التحاكم لغير شرع الله؟ وما حكم عملي في إعداد هذا التعاقدات مع العلم بأني ملزم بذلك؟
ملاحظة: أقوم بحضور دروس علمية منتظمة لبعض الشيوخ في بلدي وأنا شاب ملتزم (ملتحي) ولدي أسرة كبيرة وأتحرى الحلال في إطعامهم، وأرجو أن جُل ما أقوم به مشروع ومسألة التأمين هذه لا تمثل حتى 5% من إجمالي ما أقوم به من أعمال، مع العلم أني في مكاني هذا أساهم في التخفيف عن الناس في بعض التعاقدات وبعض الشروط الغير شرعية بحيث أستعين بمن لهم معرفة في الدين في تحويلها لملاءمة ما جاءت به الشريعة وأدعو إلى الله إخواني المسلمين وغيرهم من أهل الديانات الأخرى. فهل أستأنس بفتوى شيخ الإسلام لمن كان يعمل في مكان مكس فيخفف عن الناس من هذا المكس؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإخضاع هذه التعاقدات إلى القانون التجاري الدولي بما فيه من مخالفات للشريعة الإسلامية، لا شك أنه محرم، وانظر الفتوى رقم: 15609، كما أن عملك في إعداد تلك التعاقدات محرم أيضاً، لما تتضمنه من بنود محرمة مخالفة للشرع، والله تعالى يقول: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. {المائدة:2}، وانظر للفائدة الفتوى رقم: 118705.
فالأصل أنه يجب عليك الامتناع من كتابة تلك البنود المحرمة، وإن عجزت عن ذلك فابحث عن عمل آخر في تلك الشركة أو في غيرها، لكن إن قصدت بعملك في إعداد تلك التعاقدات تقليل المخالفات الشرعية وتخفيفها، وتعلم أنك إن تركت ذلك تولاه من لا يفعل ذلك بل قد يزيد في المخالفات الشرعية، فحينئذ نرجو ألا يكون عليك حرج في بقائك في هذا العمل.
وقد سئُل شيخ الإسلام ابن تيمية: عن رجل متولي ولايات ومقطع إقطاعات وعليها من الكلف السلطانية ما جرت به العادة، وهو يختار أن يسقط الظلم كله ويجتهد في ذلك بحسب ما قدر عليه وهو يعلم أنه إن ترك ذلك وأقطعها غيره وولي غيره فإن الظلم لا يترك منه شيئاً بل يزاد وهو يمكنه أن يخفف تلك المكوس، فهل يجوز لمثل هذا بقاؤه على ولايته وهل عليه إثم في هذا الفعل أم لا؟ الجواب: الحمد لله نعم إذا كان مجتهداً في العدل ورفع الظلم بحسب إمكانه، وولايته خير وأصلح للمسلمين من ولاية غيره، فإنه يجوز له البقاء ولا إثم عليه بل بقاؤه على ذلك أفضل من تركه إذا لم يشتغل إذا تركه بما هو أفضل منه. انتهى بتصرف.
والله أعلم.