الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السفر والغربة طلبا للعمل

السؤال

أنا شاب اشتغل بعيداً عن مقر سكني في شركة في وظيفة إدارية براتب جيد وأحوالي المادية ـ الآن ـ ميسورة وأنا ملتزم ـ والحمد لله ـ ولست متزوجا إلى الآن، ومقر عملي يبعد مئات الأميال عن سكني وتدوم مدة العمل شهرا أو أكثر تقريبا، ثم أستفيد من العطلة لعدة أيام وأعود إلى البيت وعندما تنتهي أسافر لأستأنف عملي من جديد، وهكذا الأمر طوال الموسم، ولا أخفيكم أنني بدأت أتعب من التنقل المستمر وتقلقني بعض مشاكل العمل البسيطة، ولكن رغم ذلك فقد صبرت من أجل امتيازات الوظيفة الجيدة، ومن هنا أحببت أن أطرح سؤالي: فهل يعتبر آثما من يفرض على نفسه الغربة في وظيفته وما يصاحبها من تعب وبعد عن الأهل مع استطاعته البحث عن عمل آخر في مكان إقامته، ولكن بمزايا أقل من المزايا التي يأخذها من عمله بعيداً عن بيته؟.
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالغربة والسفر من أجل العمل وطلب العلم وغير ذلك، هي من الأمور المباحة ما لم يترتب عليه ضرر أو محظور شرعي، فقد أرشدنا الله عز وجل إلى السير في الأرض لطلب الرزق، فقال تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ {الملك:15}. وقال تعالى: وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ {المزمل:20}.

وكان الصحابة ومن تبعهم إلى يومنا هذا يسافرون للتكسب، ولذلك فإنه لا إثم على من تغرب للعمل المباح ولو كان يجد عملاً يساويه أو دونه، ولا إثم عليه كذلك في تركه والاشتغال بما دونه فالأمر واسع ـ إن شاء الله تعالى ـ وننصح السائل الكريم بتقوى الله تعالى والزواج بذات الدين، فلعل هذا ما ينقصه، فقد رغب الإسلام في الزواج وحث عليه وهو من سنن الأنبياء والمرسلين، قال الله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً {الرعد:38}.

وهو سكن وطمأنينة وعبادة يستكمل بها المسلم نصف دينه ويحصن به جوارحه عن الحرام، أخرج الطبراني والحاكم وصححه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الباقي.

وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم الشباب خاصة على الزواج، لأنهم أقوى من غيرهم شهوة، حيث قال: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج. متفق عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني