الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف البنت من أبيها إذا تحرش بها وهل تأثم إن لم ترده

السؤال

لا أعرف كيف أبدأ، فعند ما كنت صغيره في سن 17 بدأ أبي في فعل بعض الأشياء كملامستي بطريقه غير طبيعية، وبدأ يقبلني مثل ما يقبل الرجل زوجته، وأنا أحبه جدا وأحترمه وأخشاه جدا فهو أب طيب ولكن عقابه دائما لنا كان بالضرب المبرح، ولكنه كان أغلب وقته مسافر وأمي هي من كانت ترعانا وعند ما عاد بدأ معي هذه الأشياء التي كانت تعذبني وتنغص علي حياتي، فكنت أدعو الله دائما أن لا تخرج أمي من البيت ولكني لم أكن أستطيع أن أقول لأحد شيئا عن هذا فالناس جميعا تحترمه والجميع يعتبره قدوة لهم فهو مصل وكان من أشد الحريصين على القرآن والدين وتعليمه لنا، والجميع يشيدون بأخلاقه ولكنه كان يلمح لي في البداية أنه يفعل هذا حتى لا أنظر لأحد الشباب الأجنبي، فأنا كنت في الجامعة ولكني بعد ما كان يفعل بعض الأشياء من لمسي فقط أصبح يثير نفسه علي إلى أن ينزل، في البداية لم أكن أعرف ما الذي يحدث ولكن مع الوقت علمت وكنت أكره قربه مني مع حبي الشديد له كأب، لم أكن أستطيع كرهه فهو طيب وبه كل الصفات الحسنة، وكان يجلس يستغفر الله وأنا في نفسي كنت أقول لن يغفر الله لك ولكني لم أستطع البوح لأحد بشيء ولا أن أقول له شيئا، فأنا أخافه وأخشى أن أقول لأحد فلا يصدقني أو تهتز الصورة المثالية له في أعينهم، لكن شعرت أن كل القيم التي كان يحاول تعليمها لنا لا أساس لها فلا يوجد في نظري أشد من هذا الذنب، وكنت أشعر أنني المذنبة فأنا البنت الوحيدة وكنت أتدلل عليه فهو أبي فشعرت أنني من جعلته يظن أني أريد هذا مع أني والله كنت أكره وأشمئز مما يفعله، ولكني لم أستطع أن أكرهه هو بل بدأت أفعل بعض الأشياء التي لم أكن أفعلها فأنا كنت أحب شابا ولكني لم أكن أخرج معه، لكن بعد ما حدث كنت أخرج معه وكنت أحاول أن أفعل ما أعلم أنه سيضايقه ولكن بداخلي كنت دائما أتراجع عن ارتكاب أي أخطاء أكبر فأنا لم أترب على هذا ولكني كنت أستمتع عندما يغضب مما أفعل، وتزوجت واعتقدت أن الزواج هو الحل وأني سأبتعد عنه ولكن كان يأتي كثيرا إلينا وكان يفعل ما يفعل من إثارة لنفسه وملامسة لي وأيضا لم أستطع أن أقول لا ،وكانت أمي في بلد أخرى وكان يتحجج بأن هذا أفضل من الخطأ، وكنت في كل مرة أدعو الله وأقول اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي واحفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي ومن فوقى وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي. وأدعو الله أن يوقفه، وفى يوم بعد سنين قال إنه لن يفعل هذا وقال إن هذا خطأ في حق الله وأنه لن يفعله مرة أخرى ولكنه لم يعترف أنه أخطا في حقي، ويذكرني دائما بخطئي ولا يتذكر خطأه ولا يعتبره خطأ في حقي.
سؤالي هو: ما فعله كان خطأ في حقي أم أنا المذنبة فأنا لم أستطع أن أقول لا؟ وعندما كنت أحاول أن أقول لأمي كنت أتراجع فهي تحبه بجنون وليس لها أحد غيره فهي بلا أم أو أب. فهل أنا على ذنب؟ وكيف أستغفر الله لذنبي وهل أواجهه بما فعل فأنا إلى الآن لا أستطيع أن أنسى ما حدث فقد استمر 7 سنين أو أكثر بقليل فما هو ذنبي وهل ما فعله ذنب كبير؟ وهل أواجه بأني لا أستطيع نسيان ما فعل أم ماذا أفعل؟ أرجو أن تجيبني بالتفصيل حتى أكون على بينة من ذنبي وذنبه إن كان يوجد ذنب فيما حدث؟ ولو كان هناك ذنب كيف يغفر الله لي فأنا إلى الآن عندما أرى بنتا من أقاربنا أحاول أن أبعدها عن أي رجل وأتخيل أن أباها يفعل بها أشياء وأستعيذ بالله ولكن هذه الأفكار تأتيني كثيرا ولا أستطيع محوها. فما العمل ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما فعله أبوك من هذه الأفعال الشنيعة لا شك أنه من الذنوب العظيمة التي توجب غضب الله وسخطه, ولكنك مشاركة له في هذا الإثم، فقد كان من الواجب عليك أن تمنعيه عن هذه الأشياء منذ بدايتها وأن تذكريه بالله وعقابه وعذابه، فإن لم يستجب فهدديه بإبلاغ أمك وسائر أهلك فإن تمادى فكان عليك أن تعلمي بهذا من يملك زجره ومنعه كأمك مثلا أو بعض أرحامك, ولا يسوغ لك هذا التمادي ما تزعمين من خوفك منه وحرصك على ألا تهتز صورته أمام الناس، فهذا كله لا اعتبار به إذا ما انتهكت محارم الله, فالواجب عليك أن تستغفري لذنبك وتتوبي لربك مما كان منك من تهاون مع أبيك وأن تكثري من الأعمال الصالحة المكفرة لعل الله أن يعفو عنك.

أما عن أبيك فالواجب عليك أن تصارحيه بأن هذا الذي فعله إنما هو إثم عظيم وانتهاك صريح لحرمات الله وتعد لحدوده، واطلبي منه التوبة إلى الله جل وعلا، فإن عاد لأفعاله هذه مرة أخرى فكوني معه في غاية الحزم – دون إساءة أو إيذاء – فإن لم ينته فامنعيه من دخول بيتك فقد أغناك الله عنه وأخرجك من تحت سلطانه وقبضته.

فإن قدر لكما لقاء بعد ذلك فلا تجلسي معه منفردة بل لا يختلي بك أبدا، ولا تظهري أمامه إلا في كامل لباسك الشرعي بحيث لا يظهر منك إلا وجهك وكفاك فقط, وننصحك بكتمان هذا الأمر – ماضيه وحاضره - عن زوجك تماما حتى لا يفسد هذا علاقتك به وقد يؤدي إلى تشتيت شمل الأسرة وتفرق جمعها.

وفي النهاية ننبهك على أنه لا يجوز لأحد أن يجزم بأن الله لن يغفر لشخص بعينه مهما كان إثمه, ففي صحيح الإمام مسلم من حديث جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث أن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان، وأن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان؟ فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك. وفي شعب الإيمان للبيهقي من حديث جندب قال: وطئ رجل على عنق رجل وهو يصلي، فقال الرجل: والله لا يغفر الله لك هذا أبدا، فقال الله عز وجل: من هذا الذي يتألى علي أن لا أغفر له؟ فقد غفرت له وأحبطت عملك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني