الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم رفع الطلاق إلى المحاكم الوضعية

السؤال

الأمر مستعجل ـ عافاكم الله شيوخنا الكرام وجزاكم الله خيراً وأكرمكم ـ اللهم آمين.
السؤال: في بلد غير مسلم إذا أرادت زوجة فسخ عقد الزواج، ولكن ليست هنا هيئة إسلامية للقيام بهذا الأمر فما العمل؟ وإلى من تلجأ؟ فالقانون في بلد الإقامة وضعي وليس شرعيا، وليس عندهم ـ أصلا ـ ما يسمى بفسخ عقد الزواج، وأنا محتارة ولا أدري ماذا أعمل؟ وفي حالة استحالة الفسخ، فهل ألجأ إلى الخلع؟ لأنني متضررة من زوجي كثيراً وهو لا يريد تطليقي، وقد تدهورت صحتي من كثرة المشاكل وأخشى أن أعصي الله فيه، فلم تعد بيننا ـ لا مودة ولا رحمة ـ وبغض النظر عن المتسبب في هذا، فأنا لم أعد أتحمل المشاحانات والمشاجرات لأتفه الأسباب، والله العظيم لا أريد الطلاق وأخشى الله، ولكن لم أعد أطيق هذا، وزوجي لن يتغير وهو مصمم على أنه على صواب، ولا أريد أن أحرم بنتي من أبيها، وفي الوقت نفسه لم أعد أطيق المشاجرة والإهانة والسب، لأنني لم أعش مع أهلي وأنا صغيرة مثل هذا المناخ، ولا أريد أن ترانا ابنتنا ونحن دائما في صراع، والله العظيم لم أعد أصبر وكانت شيمتي االصبر والتحمل، ولكن لم تعد لي طاقة.
انصحوني حتى لا أغلط في حق الله وحق زوجي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما يفعله زوجك من سبك وشتمك وإهانتك، كل هذا حرام لا يجوز، وهذا مما يسوغ لك طلب الطلاق منه وليس الفسخ على ما بيناه في الفتوى رقم: 116133.

أما الفسخ: فله موجبات خاصة بيناها في الفتوى رقم: 127031.

ومع ذلك، فإنا لا ننصحك بالتسرع في طلب الطلاق، بل نوصيك بالصبر والمداومة عليه، فإن في الصبر على المكروه خيراً كثيراً في الدنيا والآخرة، وقد وعد الله سبحانه الصابرين أن يوفوا أجرهم بغير حساب، قال الله تعالى: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزمر:10}.

ولا يخفى عليك ما يترتب على الطلاق من مفاسد كبيرة أظهرها ضياع مصالح الأولاد.

ثم ابذلي جهدك في استصلاح زوجك ونصحه وتذكيره بالله، فإن وصلت الأمور إلى طريق مغلق وأعرض عن النصح والتذكير وأصر على ما يفعله من إيذائك وإلحاق الضرر بك، فلا حرج عليك ـ حينئذ ـ في طلب الطلاق منه، فإن امتنع عن الطلاق فيمكنك رفع الأمر إلى أهل العلم القائمين على المراكز الإسلامية المعنية بشؤون الجاليات الإسلامية، ليحكموا بينكما، فإن وجدوا أسباباً معتبرة للطلاق حكموا به، وعلى الزوج أن يذعن لحكمهم، فإن امتنع الزوج عن التحاكم لأهل العلم، فلا حرج عليك ـ حينئذ ـ في رفع الأمر إلى المحاكم الوضعية لتحكم لك بالطلاق ثم ترجعين بعد ذلك إلى أهل العلم لينظروا مدى موافقة هذا الحكم لأحكام الشريعة، فإن كان موافقاً أوقعوا الطلاق على زوجك، وحينئذ تصيرين مطلقة لا يلزمك إلا العدة، أما إن كان الحكم مخالفاً لأحكام الشريعة عدلوه بما يوافق الشرع، ولا يحل لك أن تأخذي من زوجك زيادة على حقوقك الشرعية، وقد بينا هذا مع حكم التحاكم لهذه المحاكم في الفتوى رقم: 7561.

والأولى أن تختصري الطريق من أوله وتخالعي زوجك فراراً من حرج التحاكم لمثل هذه المحاكم التي تحكم بغير ما أنزل الله، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 122565، وراجعي حكم الإقامة في بلاد الكفر في الفتوى رقم: 2007.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني