الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعطى أرض امرأته لابنهما سدادا لدينه على أن يعوضها ثم مات

السؤال

سيدي: لولد مبلغ من المال عند والده ، نتيجة شراكة كانت بينهما ، فقال الوالد للولد خذ قطعة الأرض تلك، فقال الولد : لكن هذه الأرض ملك لأمي ، قال الأب : أنا أعطي أمك عوضاً عنها . قال الولد : حتى أسأل أمي إن كانت توافق . سأل الولد أمه فقالت نعم أوافق . فأخذ الولد قطعة الأرض تلك ، وعُرفت له ، لكن الوالد لم يتنازل رسمياً بها للولد ، ولم يعط الأم عوضا عنها ، وبعد بضع سنين مات الوالد فقام الولد ببيع قطعة الأرض تلك بربح زاد ب ( 16 ألف )عما كان ثمنها يوم أخذها من والده .سؤالي يا سيدي /1- أخوة الولد ينازعونه ملكية تلك الأرض ، رغم أنهم كانوا حينها شهوداً ، بل واستشيروا بالأمر فوافقوا .2- أُخذت الأرض من الأم يوم كانت تساوي 20 واليوم بيعت ب 36 ، وخلال تلك الفترة وحتى اليوم لم تأخذ شيئا ، رغم الوعد بإعطائها . فهل قطعة الأرض هذه حق للولد ، ولا يحق لإخوته أن يطالبوه بها أم لا ؟وهل للأم ثمن أرضها يوم أخذت منها ، أم ثمنها اليوم ؟ إذ لو تركت لها أرضها لربحت اليوم (16 ألف) زيادة ، ثم إن الأبناء الآخرين لو تركوا قطعة الأرض بأرباحها لأخيهم، وأعطوا أمهم ثمن أرضها اليوم، بحجة : لمَ نحجز عن أمنا مالها فيخسر ويربح غيرها. فإنهم بذلك قد أعطوا أرباح عين واحدة مضاعفا لشخصين . فما هو رأي الشرع في هذه القضية دام فضلكم ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالذي فهمناه من سؤالك هو أن الأب دفع أرض زوجته في الحق الذي عليه لولده على أنه سيعوض زوجته عن أرضها عوضاً لم يحدده كما اتضح من السؤال، ورضيت الزوجة بذلك، وأقرت المعاملة، وإذا كان كذلك فهذا التصرف باطل للجهالة في العوض الذي وعد به الزوج زوجته، ولا بد في صحة البيع من معلومية العوض لما تؤدي إليه الجهالة فيه من غرر، قال الشنقيطي في شرح زاد المستقنع: فإذا كان الثمن مجهولاً فإما أن يكون مجهولاً عند البائع، وإما أن يكون مجهولاً عند المشتري، أو يكون مجهولاً عندهما، وفي جميع هذه الأحوال الثلاث لا يجوز البيع، ولا يصح لأنه غرر نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وبناء عليه، فإن كان البيع قد تم بين الزوجين على ما ذكرنا فهو فاسد، والأرض باقية على ملك الأم، ولها أن تمضي تصرف ابنها ببيعه للأرض لكونه تصرف فضولي وتأخذ الثمن الذي باعها به، ولها مطالبته باستعادة الأرض ورد الثمن إلى المشتري، وأما على افتراض أن الزوج قد حدد الثمن الذي سيعوضه لزوجته عن أرضها، فالبيع صحيح، والأرض ملك للابن ولا يشاركه فيها غيره من إخوته، وليس للأم المطالبة سوى بالثمن المتفق عليه، يدفعه الورثة من تركة الميت قبل قسمتها، وللمزيد حول ذلك راجع الفتوى رقم: 47109، 94105، 111270، 69969.

وإذا كان في المسألة نزاع وخصومة فلا بد من رفعها إلى المحاكم الشرعية للفصل فيها وإعطاء كل ذي حق حقه، وإلزام كل بما يجب عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني