السؤال
أرشدني زميل لي في العمل إلى طريقة غريبة في أداء صلاة الاستخارة حيث يقول إنه يجب أن نصلي ركعتين وفي كل ركعة نقرأ الفاتحة و سبع مرات سورة القدر، ونقول في الآخر دعاء الاستخارة المعروف.
وبعد ذلك ننتظر الإجابة من عند الله تعالى والتي تتمثل في دوران الجسم قليلا إلى اليمين إن كان الشيء فيه خير وإلى اليسار إن كان فيه شر. ويقول أيضا إن الملائكة هي التي تقوم بتدويرنا وتأتي الإجابة بعد قراءة الدعاء أو إثر قراءة سورة القدر و إن لم ندر يعني ذلك لا إجابة. وهي طريقة اعتمدها لسنين طويلة (10 سنوات) وهو مقتنع بصحتها إذ أن جسمه يدور يمينا أو يسارا, كما أنه يدور دائما إلى اليسار عندما تتعلق الاستخارة بالزواج وهو لم يتزوج إلى الآن وقد أشرف على الخمسين. ولقد أرشده إلى هذه الطريقة شيخ حج إلى بيت الله الحرام.
فماذا يقول الشرع و المذاهب الأربعة؟ هل هي صحيحة أم هي بدعة ؟ و إن كانت بدعة فمن يقوم بتدوير زميلي في صلاته؟ فهل يمكن للشيطان أن يقربنا في الصلاة بخشوعنا و يوهمنا بأشياء غير صحيحة؟
الرجاء الإجابة استنادا إلى آيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الأصل في العبادات أنها توقيفية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد. وانظر في هذا الأصل الفتوى رقم: 127965.
وقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلوا كما رأيتموني أصلي.
وبين لنا النبي صلى الله عليه وسلم صفة صلاة الاستخارة، فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن يقول: ((إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: "اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني" قال: ويسمي حاجته)).
ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الصحابة تخصيص صلاة الاستخارة بقراءة السورة المذكورة ولو كانت مفردة فما بالك إذا كانت تقرأ سبعا.
وبذلك يتبين أن ما يقوم به هذا الشخص من تخصيص صلاة الاستخارة بقراءة سورة القدر سبع مرات – بعد الفاتحة - بدعة محدثة.
وأشد منها وأنكر ما ينتظره المستخير بهذه الطريقة من دوران الجسم يمينا أو شمالا، ودعواه أن الملائكة هي التي تقوم بذلك، والأقرب أن هذا - إن وقع بالفعل ولم يكن تهيؤًا - أنه من فعل الشياطين الذين يسعون في غواية بني آدم وإضلالهم وتزيين الشر والمعاصي لهم، ومن أعظم المعاصي بعد الشرك بالله الابتداع في الدين، ولذلك قال سفيان الثوري رحمه الله: البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، فإن المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها.
فيجب على السائلة أن لا تغتر بهذه الخرافات حتى وإن رأت ذلك بعينها؛ فإنما هي من استدراج الشيطان.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: .... إلى أمثال ذلك من الأمور التي يضلهم بها الشيطان حيث فعلوا ما هو منهي عنه في الشرع، إما محرم وإما مكروه ليس بواجب ولا مستحب، وقد زين لهم الشيطان أن هذا من كرامات الصالحين، وهو من تلبيس الشيطان، فإن اللّه لا يُعبَد إلا بما هو واجب أو مستحب، وكل من عبد عبادة ليست واجبة ولا مستحبة وظنها واجبة أو مستحبة فإنما زين ذلك له الشيطان.
وانظر للفائدة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 4823، 6823، 64112، 1775.
وننبه الأخت السائلة إلى ضرورة الرجوع إلى الفتوى رقم: 19233فيما يتعلق بعمل المرأة في أماكن الاختلاط.
والله أعلم.