الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ظفر بحقه فأخذه وحلف أنه لم يأخذه فما حكمه

السؤال

أنا مغترب في أوروبا منذ 5 سنوات، سكنت مع أحد الأشخاص وفي ذلك الوقت اعتقدت أن هذا الشخص هو رجل صالح، ولكنه لم يكن حيث قام هذا الشاب بالاستدانة مني مبلغ حوالي 400 يورو، وبعد فترة طويلة من مطالبته برد النقود قال لي لن أعطيك النقود وافعل ما شئت، وأنا لا يوجد معي إقامة ولا أستطيع المطالبة بحقي بشكل رسمي، وقال لي إذا تريد المشاكل سوف أبلغ شرطة الهجرة عنك، وفي يوم من الأيام بعد فترة سنحت لي الفرصة لأسرق منه مبلغ 300 يورو، وفعلا قمت بسرقة النقود منه، وفي اليوم التالي هو شعر أني من سرقه، وعندما سألني أنكرت، فجاء بالمصحف الشريف وجعلني أحلف عليه وحلفت أني لم أسرق شيئا وقد سرقت. ولكنني سرقت النقود التي استدانها مني ولم يرجعها، وقال لن أرجعها وافعل ماشئت. فما حكم هذا الحلف على المصحف، فأنا أفكر بالأمر ليل نهار. أرجو المساعدة. والمبلغ مقسوم على دفعتين كنا نعيش في بيت أجرته 180 يورو، أحد الشهور قال ادفع هذا الشهر والشهر التالي أدفع أنا ولم يدفع أبداً، وباقي المبلغ استدانه مني على مراحل. أرجو الرد؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة، وهي المسماة عندهم بمسألة الظفر بالحق كما سبق بيانه بالتفصيل في الفتاوى ذات الأرقام: 38796، 49905، 27641، وما أحيل عليه فيها.

والراجح المفتى به عندنا أنه يجوز لصاحب الحق أخذ حقه بأي وسيلة أمكن له الحصول بها على حقه بشرط ألا يتجاوز حقه أو يخشى أن يترتب على أخذه ضرر أكبر، قال الإمام القرطبي في تفسيره لقوله تعالى: إنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58}، والصحيح جواز ذلك كيف ما توصل إلى أخذ حقه ما لم يعد سارقاً، وهو مذهب الشافعي وحكاه الداودي عن مالك وقال به ابن المنذر واختاره ابن العربي، وأن ذلك ليس خيانة وإنما هو وصول إلى حق، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً. وأخذ الحق من الظالم نصر له. اهـ

ولذلك فإذا كان الشخص المذكور قد منعك من حقك المقطوع به ولم تستطع الوصول إليه إلا بالطريقة المذكورة فإنه لا حرج عليك ولا إثم إن شاء الله تعالى ما لم تتجاوز حقك أو يترتب على أخذك ضرر أكبر، قال الدسوقي المالكي في حاشيته على الشرح الكبير: إذا كان شخصان لكل منهما حق على الآخر فجحد أحدهما حق صاحبه فللآخر جحد ما يعادله وله أن يحلف ويحاشي -أي يوري- في اليمين، وكان عليك عند الحلف أن تنوي أنك لم تأخذها على أنه له بل أخذتها على أنها حقك الذي امتنع عن دفعه لك، وعلى افتراض أنك لم تنو النية المذكورة فما عليك إلا التوبة والتوبة تجب ما قبلها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني