السؤال
هناك حديث رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين. صححه الألباني. وأنا لا أقوم الليل ولا أقرأ القرآن في الليل في الصلاة. فهل يجوز لي أن أقرأ ألف آية في النهار وهل يكون لي فيها الأجر إذا قرأت ألف آية في النهار إن شاء الله تعالى ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث المذكور رواه أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ولفظه: من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين. وظاهر الحديث أن هذا مختص بصلاة الليل، وبه قال أكثر الشراح.
قال شمس الحق في عون المعبود في شرح هذا الحديث: والمراد ههنا القيام في الليل. انتهى.
ولهذا أورد البغوي هذا الحديث في باب قيام الليل من المشكاة، وهو المنقول عن ابن حجر كما في المرقاة وغيره، وعلى هذا التفسير وأن المراد بالحديث قراءة هذا القدر من الآيات في صلاة الليل فلا يحصل هذا الثواب العظيم إلا لمن أتى بهذا الشرط وهو قراءتها في صلاة الليل، وإن كانت قراءة القرآن فعلا حسنا وطاعة جليلة يثاب من أتى بها في أي وقت، ولكن هذا الثواب المخصوص لا يحصل إلا لمن أتى بها في قيام الليل كما مر على هذا الوجه في شرح الحديث، وجنح بعض الشراح إلى أن الحديث أعم من ذلك، وإليه يومئ كلام الطيبي، ومال إليه صاحب المرقاة الشيخ علي القاري، وكذا المباركفوري صاحب المرعاة، صدر به وإن كان جزم بالثاني وهو أن المتعين في الحديث القراءة في القيام وإليك طرفا من كلامهم.
قال صاحب المرعاة: قوله: (من قام بعشر آيات) أي أخذها بقوة وعزم من غير فتور ولا توانٍ، من قولهم قام بالأمر، فهو كناية عن حفظها والدوام على قراءتها والتفكر في معانيها والعمل بمقتضاها، وإليه الإشارة بقوله: لم يكتب من الغافلين، ولا شك أن قراءة القرآن في كل وقت لها مزايا وفضائل، وأعلاها أن يكون في الصلاة لاسيما في الليل قال تعالى: {إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلاً}. ومن ثم أورد محي السنة الحديث في باب صلاة الليل، قاله الطيبي. وحاصله أن الحديث مطلق غير مقيد لا بصلاة ولا بليل، فينبغي أن يحمل على أدنى مراتبه، ويدل عليه قوله لم يكتب من الغافلين، وإنما ذكره البغوي في محل الأكمل. وقال ابن حجر: أي يقرأها في ركعتين أو أكثر، وظاهر السياق أن المراد غير الفاتحة- انتهى. قلت: تفسير قام يصلي أي بالقراءة في الصلاة بالليل في هذا المقام هو الظاهر بل هو المتعين، لما روى ابن خزيمة في صحيحه والحاكم (ج1 ص309) عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: من صلى في ليلة بمائة آية لم يكتب من الغافلين، ومن صلى في ليلة بمائتى آية فإنه يكتب من القانتين المخلصين. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. انتهى.
وقال القاري في المرقاة: وقال الطيبي: أي من الذين قاموا بأمر الله ولزموا طاعته وخضعوا له، ثم قال: ولا شك أن قراءة القرآن في كل وقت لها مزايا وفضائل وأعلاها أن تكون في الصلاة لا سيما في الليل قال تعالى: إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا. المزمل. ومن ثم أورد محيي السنة الحديث في باب صلاة الليل وحاصل كلام الطيبي أن الحديث مطلق غير مقيد لا بصلاة ولا بليل فينبغي أن يحمل على أدنى مراتبه ويدل عليه جزاء الشرطية الأولى وهي قوله لم يكتب من الغافلين وإنما ذكره البغوي في محل الأكمل. انتهى.
وبما مر يظهر لك أن القول بأن الحديث مختص بمن قام من الليل بهذا القدر المذكور قول قوي من جهة النظر وعليه أكثر الشراح، فينبغي لمن حرص على تحصيل الثواب أن يأتي بهذه الفضيلة العظيمة، ولكن فضل الله واسع ورحمته عظيمة فلا يبعد في سعة فضله ورحمته أن ينال من قرأ هذا القدر المذكور ولو في غير صلاة الليل هذا الثواب العظيم على ما اختاره بعض العلماء.
والله أعلم.