الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لم يشعر فقال لزوجته طالق فهل وقع الطلاق

السؤال

أثناء شجار مع زوجتي قالت لي إن كنت رجلا طلقني على الفور، وبدون تفكير قلت طالق بدون لفظ أنت طالق. فهل يقع الطلاق؟ مع العلم أني لم أدر إلا والكلمة تخرج من لساني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فننبه أوَّلا إلي أن زوجتك لا يجوز لها المطالبة بالطلاق بدون عذر، فقد ثبت الوعيد الشديد في ذلك حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه ابن ماجه وغيره وصححه الشيخ الألباني.

وبخصوص ما تلفظت َبه من طلاق، فإننا لم نفهم معنى قولك (وبدون تفكير قلت طالق) فإن كنت تقصد أنك لم تقصد حصول الطلاق لكنك تلفظت بهذه الكلمة قاصدا التلفظ بها فإن الطلاق نافذ؛ لأن عبارة طالق من صريح الطلاق، وهولا يحتاج لنية إيقاعه قال ابن قدامة فى المغني:

قد ذكرنا أن صريح الطلاق لا يحتاج إلى نية، بل يقع من غير قصد، ولا خلاف في ذلك .انتهى.

وقولك طالق دون إسناده إلى الزوجة في هذا المقام لا يمنع وقوع الطلاق، لأن قرائن الأحوال تدل على أنك تقصد زوجتك بقولك [طالق ] لاشتمال كلامها على ما يدل على طلب الطلاق، وبالتالي فهو نافذ ويشهد لما ذكرنا ما جاء في فتوحات الوهاب لسليمان الجمل الشافعي.

حيث قال: قوله: أنت طالق. فلو حذف المبتدأ لم يقع شيء، وإن نوى تقديره. اهـ قال : والظاهر أن محله حيث لم يقع جوابا لكلام يتعلق به فلو قالت له هل أنا طالق فقال طالق وقع. انتهى.

أما إن كنت لم تقصد التكلم بالكلمة كأن كان قد جرى اللفظ على لسانك ولم تقصد التلفظ به ابتداء فلا يلزمك شيء عند الجمهور لعدم إرادة الطلاق ففي الموسوعة الفقهية الكويتية: من قال لزوجته :اسقيني فجرى على لسانه أنت طالق, فإن الطلاق لا يقع عند الشافعية والحنابلة, لعدم القصد ولا اعتبار للكلام بدون القصد. وقال الحنفية: يقع به الطلاق وإن لم يكن مختارا لحكمه لكونه مختارا في التكلم, ولأن الغفلة عن معنى اللفظ أمر خفي وفي الوقوف على قصده حرج. وقال المالكية: المراد من القصد قصد النطق باللفظ الدال عليه في الصريح والكناية الظاهرة وإن لم يقصد مدلوله وهو حل العصمة، وقالوا: إن سبق لسانه بأن أراد أن يتكلم بغير الطلاق, فالتوى لسانه فتكلم بالطلاق فلا شيء عليه إن ثبت سبق لسانه في الفتوى والقضاء, وإن لم يثبت فلا شيء عليه في الفتوى ويلزمه في القضاء .انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني