الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فرفع الصوت على أحد الوالدين لا يجوز لما فيه من إساءة الأدب والعقوق وقد نهى الله سبحانه عن أقل القليل من ذلك بقوله سبحانه: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا.{الإسراء:23-24}.
ولا شك أن أباك قد أخطأ عندما رفع السكين على أمك فقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى يدعها، وإن كان أخاه لأبيه وأمه.
جاء في شرح النووي على مسلم: فيه تأكيد حرمة المسلم والنهي الشديد عن ترويعه وتخويفه والتعرض له بما قد يؤذيه. وقوله صلى الله عليه و سلم "وإن كان أخاه لأبيه وأمه" مبالغة في ايضاح عموم النهي في كل أحد سواء من يتهم فيه ومن لا يتهم , وسواء كان هذا هزلا ولعبا أم لا لأن ترويع المسلم حرام بكل حال، ولأنه قد يسبقه السلاح كما صرح به في الرواية الأخرى ولعن الملائكة له يدل على أنه حرام. انتهى.
ولكن مع هذا فلا يجوز لك أن تعنف أباك على هذا، ولكن لو كنت حاضرا فكان عليك أن تمنعه من هذا بل لو ظننت أنه ربما أصاب أمك بالسكين فالواجب علليك حينئذ أن تمنعه من ذلك ولو بالقوة, أما بعد انتهاء الفعل فليس لك أن تعاقب أباك عليه وقد ذكر أهل العلم أن للوالدين خصوصية حتى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فقد ذكر القرافي في كتابه " الفروق" بعض المسائل التي تتعلق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكان مما ذكر قوله: المسألة والأولى: أن الوالدين يؤمران بالمعروف وينهيان عن المنكر، قال مالك: ويخفض لهما في ذلك جناح الذل من الرحمة. انتهى.
وجاء في كتاب الآداب الشرعية لابن مفلح: فصل في أمر الوالدين بالمعروف ونهيهما عن المنكر، قال أحمد في رواية يوسف بن موسى: يأمر أبويه بالمعروف وينهاهما عن المنكر، وقال في رواية حنبل: إذا رأى أباه على أمر يكرهه يعلمه بغير عنف ولا إساءة ولا يغلظ له في الكلام، وإلا تركه، وليس الأب كالأجنبي. انتهى.
أما بخصوص النفقة فإن الصغير الذي لا مال له تجب نفقته على أبيه بالإجماع.
قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه العلم أن على المرء نفقة أولاده الأطفال الذين لا مال لهم. انتهى.
وأما البالغون فقد اختلف أهل العلم في نفقتهم.
جاء في سبل السلام: قال ابن المنذر: اختلف في نفقة من بلغ من الأولاد ولا مال له ولا كسب، فأوجب طائفة النفقة لجميع الأولاد أطفالاً كانوا أو بالغين، إناثاً أو ذكراناً إذا لم يكن لهم أموال يستغنون بها عن الآباء.
وذهب الجمهور إلى أن الواجب الإنفاق عليهم إلى أن يبلغ الذكر وتتزوج الأنثى، ثم لا نفقة على الأب إلا إذا كانوا زمنى، فإن كانت لهم أموال فلا وجوب على الأب. انتهى.
وتراجع ماهية النفقة الواجبة على رب الأسرة في الفتوى رقم: 113285
فإن قصر الأب في نفقته الواجبة عليكم فيمكنكم أن توسطوا عنده من يملك التأثير عليه فإن لم يستجب فلكم أن ترفعوا الأمر للقضاء.
والله أعلم.