السؤال
زوجتي عليها كفاره 60 يوما، صامت منهن 39، وأنا في اليوم الأربعين أتيتها في الفراش أي جعلتها تفطر هل تكمل صيام ما تبقى من الأيام أي 21 يوما، أم تعاود صيام 60 يوما؟ وللعلم أن رمضان على الأبواب لن يكون لها وقت تكمل 60 يوما. أي يعني حلال إفطاري لها؟ أنا لا أستطيع الصبر على زوجتي طبيعة عملي تلزمني أن أذهب قبل أذان المغرب ولا أرجع إلا بعد الإمساك فلم أستطع الصبر، لذلك أنا فطَّرت زوجتي فما ردكم؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كانت زوجتك قد لزمتها كفارة صيام شهرين متتابعين، فإن كنت قد أكرهتها على الجماع لم تفطر بذلك على الصحيح، وعليها أن تكمل باقي تلك الأيام التي لزمها صومها ولا ينقطع تتابع الصيام بذلك. قال ابن قاسم في الحاشية: ونقل ابن القاسم: كل أمر غُلب عليه الصائم، فليس عليه قضاء ولا كفارة، قال أكثر الأصحاب: وهذا يدل على إسقاط القضاء والكفارة، وقال ابن عبد البر: الصحيح في الأكل والوطء، إذا غلب عليهما، لا يفطرانه، وكذا قال غير واحد من أهل العلم: الجماع كالأكل، فيما مر فيه، من الشك والإكراه والجهل. انتهى.
وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: والصحيح أن الرجل إذا كان معذوراً بجهل، أو نسيان، أو إكراه، فإنه لا قضاء عليه ولا كفارة، وأن المرأة كذلك إذا كانت معذورة بجهل أو نسيان أو إكراه، فليس عليها قضاء ولا كفارة. انتهى. وقال أيضا: أو المرأة أكرهها زوجها فجامعها فإنه لا ينقطع التتابع، والصواب أنه لا فطر أصلاً، وأن التتابع مستمر. انتهى.
وأما إن كانت مطاوعة لك غير مكرهة الإكراه المعتبر شرعا، فقد انقطع تتابع صومها بذلك، ولزمها أن تصوم شهرين متتابعين، ولا حرج عليها في أن تبتدئ الصوم قبل رمضان ولا ينقطع تتابع الصوم به، فإنه لا ينقطع بالصوم الواجب، ولا بالفطر الواجب، ولا بالعذر كالمرض ونحوه على ما رجحه كثير من أهل العلم. قال الحجاوي في زاد المستقنع: يَجِبُ التَّتَابُعُ فِي الصَّوْمِ، فَإِنْ تَخَلَّلَهُ رَمَضَانٌ، أَوْ فِطْرٌ يَجِبُ، كَعِيدٍ، وَأَيَّامِ تَشْرِيقٍ، وَحَيْضٍ، وَجُنُونٍ وَمَرَضٍ مَخُوفٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ أَفْطَرَ نَاسِياً، أَوْ مُكْرَهاً، أَوْ لِعُذْرٍ يُبِيحُ الْفِطْرَ لَمْ يَنْقَطِعْ. انتهى.
وقال الشيخ العثيمين: فالضابط أنه إذا تخلل صومَه صومٌ يجب، أو فطر يجب، أو فطر مباح، فإنه لا ينقطع التتابع، فإن تخلله صوم مستحب أو صوم مباح ينقطع التتابع. إذاً ثلاث حالات لا ينقطع فيها التتابع: إذا تخلله صوم يجب مثل رمضان، أو فطر يجب كأيام الأعياد، وأيام التشريق، والمرأة في الحيض، ومن كان مريضاً يخشى في صومه التلف أو الضرر ـ أيضاً ـ على القول الراجح، أو فطر لسبب يبيح الفطر، كالسفر والمرض الذي يشق عليه الصيام فيه، ولكنه لا يضره. انتهى.
وإذا وجب على زوجتك صوم الكفارة فإنه يجب على الفور عند كثير من العلماء، فلا يجوز لك أن تمنعها منه، ولا أن تكرهها على الفطر فيه، بل عليك أن تصبر حتى تقضي ما عليها من الكفارة.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله: الكفارات تجب على الفور إلا ما نص الشرع فيها على التراخي. انتهى.
وقال الحافظ: قوله: إلا بإذنه، يعني في غير صيام أيام رمضان ، وكذا في غير رمضان من الواجب إذا تضيق الوقت ، وقد خصه المصنف -يعني البخاري- في الترجمة الماضية قبل باب بالتطوع. انتهى.
ومن العلماء من يرى أن الكفارة إن كانت بغير عدوان فهي على التراخي، وعليه فلا تصوم زوجتك الكفارة إلا بإذنك، ولك أن تمنعها من ابتداء الصوم.
قال النووي: وأما الكفارة فان كانت بغير عدوان ككفارة القتل خطأ وكفارة اليمين في بعض الصور فهي على التراخي بلا خلاف لأنه معذور، وإن كان متعديا فهل هي على الفور أم على التراخي فيه وجهان حكاهما القفال والأصحاب أصحهما على الفور. انتهى. والقول الأول أحوط وأبرأ للذمة.
والله أعلم.