السؤال
زوجة أبينا لا تدع موقفا ولا كلمة ولا برهة من الزمن إلا وتسعى لإفساد العلاقة بيننا وبين أبينا، وتسعى دائما لتدب المشاكل في البيت بشكل فظيع، وأبي منساق وراءها كأنه بلا عقل، فربما لا أبالغ عندما أقول بلغ به سماع كلامها درجة العبودية لها فهو يصدق كلامها وهو على بينة أنها كاذبة وغير ذلك، أبي وزوجته أيضا لا يهمهم أبدا الحلف الكاذب فهم دائما يقسمون بالله على أشياء كاذبة ونحن نعلم أنها كاذبون ولكن نضطر ونسكت لأنه في النهاية أبونا، لكن ضاق بنا الحال كثيرا فظلم أبي لنا لا يصفه كلام بأي حال وظلم زوجته زاد الطين بلة، فلقد تحملنا الكثير ومهما أقول لسيادتكم لن تستطيعو تخيل حجم المعاناة من تلك المرأة، ونحن الإخوة قررنا أخيرا أن نقاطع تلك المرأة لعل ذلك يحد من ظلمها ومن تجنيها علينا في كثير من الأمور، وقلنا لأبي أننا ليس بيننا وبينك أية مشاكل فأنت مهما حدث فأنت أبونا، ولكن مقاطعتنا لها لعل ذلك يحد من تجنيها علينا وأبي غير موافق طبعا ولكن نحن قلنا له هذا ما عندنا وليس لدينا غيره فلقد طفح الكيل. فهل هذا حرام أن نقاطع تلك المرأة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كانت زوجة أبيكم على ما ذكرتَ من أذيتكم والسعي في زرع البغضاء بينكم وبين أبيكم، والقطيعة بينكم وبينه فهي على خطر عظيم وقد ارتكبت معصية شنيعة لثبوت حرمة أذى المسلم وإهانته، قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا.{الأحزاب:58}.
وقال صلى الله عليه وسلم: يا معشر مَن قد أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله.رواه الترمذي وغيره وقال الشيخ الألباني حديث حسن صحيح.
ويعتبر أبوكم مخطئا في تصديق كلام زوجته في شأنكم مع علمه بكذبها، وننصحكم بالصبر على أذى زوجة أبيكم هذه ومعاملتها بحكمة ورفق، وبخصوص مقاطعتها إذا كان القصد منها هجرانها فالأصل حرمة هجر المسلم أكثر من ثلاثة أيام، ويتأكد الأمر إذا كان المهجور زوجة الأب لما في هجرها من إلحاق الأذى بالأب وأذى الأب عقوق، ولكن إذا كانت مخالطتها تجلب لكم نقصا في الدين أو الدنيا فيمكنك تجنب مخالطتها ولا يستلزم ذلك هجرا.
وما ذكرته عنهما من الحلف الكاذبة هو أمر محرم ومن كبائر الذنوب ويسمى اليمين الغموس. فيتعين عليكم نصح أبيكم وزوجته بخطورة هذا الحلف وضرورة الابتعاد عنه، ولا كفارة فيه عند الجمهور بل تلزم صاحبها التوبة فقط خلافا للشافعية القائلين بلزوم الكفارة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 50626.
وأخيرا نؤكد على وجوب بر الأب والإحسان إليه ولا يسقط حقه في البر تصديقه لزوجته في شأنكم أو ما يصدر عنه من أذى تجاهكم.
والله أعلم.