السؤال
من سلم التسلمتين في الصلاة دون نية، فهل تبطل صلاته؟ بمعنى: أن الصلاة معروف فيها مثلا ركوع وسجود وتسليم، فعند التسليم يأتي بالتسليمتين وتنتهي الصلاة، فهل لابد من أن ينوي على من يسلم؟ وإذا لم ينو يكون كل ما صلاه طول حياته باطل؟.
من سلم التسلمتين في الصلاة دون نية، فهل تبطل صلاته؟ بمعنى: أن الصلاة معروف فيها مثلا ركوع وسجود وتسليم، فعند التسليم يأتي بالتسليمتين وتنتهي الصلاة، فهل لابد من أن ينوي على من يسلم؟ وإذا لم ينو يكون كل ما صلاه طول حياته باطل؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اشترط بعض العلماء لصحة التسليم من الصلاة أن تصحبه نية الخروج من الصلاة، وهذا القول مرجوح في المذاهب الثلاثة ـ المالكية والشافعية والحنابلة ـ وأما الحنفية: فلا يجب التسليم عندهم أصلا، وأما نية السلام على من معه في الصلاة، فلا تجب، بل تستحب ـ كما يأتي بيانه في كلام ابن قدامة ـ وبه تعلم أن الصحيح أن من سلم من صلاته ولم ينو بسلامه شيئا، فصلاته صحيحة، وإن كان الأولى أن ينوي الخروج من الصلاة خروجا من الخلاف، وأن ينوي السلام على من معه عملا بما سيمر بك من النصوص، وهاك من كلام العلماء ما يتبين به ما ذكرناه، قال في الفواكه الدواني: وَجَرَى خِلَافٌ فِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ عِنْدَ السَّلَامِ شَهَرَ الْفَاكِهَانِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ عَدَمَ اشْتِرَاطِهَا وَعَلَيْهِ، فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِعَدِمِهَا، وَتَبْطُلُ مُقَابِلُهُ، وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ، فَقِيلَ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ الَّتِي لَا بُدَّ مَعَهَا مِنْ نِيَّةِ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ قَوْلًا وَاحِدًا وبَيْنَ سَلَامِ التَّحْلِيلِ مَعَ أَنَّهُ فَرْضٌ ـ أَيْضًا؟ وَالْفَرْقُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي الصَّلَاةِ مُتَعَدِّدٌ يَقَعُ فِيهِ الِاشْتِرَاكُ، فَاحْتَاجَتْ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ لِمُصَاحَبَتِهَا النِّيَّةَ وَرَفْعَ الْيَدَيْنِ مَعَهَا لَيَحْصُلَ التَّمْيِيزُ.
وَثَانِيهِمَا: ضَعْفُ أَمْرِ التَّسْلِيمِ وَعِظَمُ تَكْبِيرَة الْإِحْرَامِ، أَلَا تَرَى أَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ يَكْتَفِي بِكُلِّ مُنَافٍ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَأَيْضًا نِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَة وَاجِبَةٌ لِتَمْيِيزِ الْعِبَادَاتِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ.
انتهى.
وقال ابن قدامة رحمه الله في المغني: وينوي بسلامه الخروج من الصلاة، فإن لم ينو فقال: ابن حامد تبطل صلاته، وهو ظاهر، نص الشافعي، لأنه نطق في أحد طرفي الصلاة فاعتبرت له النية كالتكبير، والمنصوص عن أحمد ـ رحمه الله ـ أنه لا تبطل صلاته وهو الصحيح، لأن نية الصلاة قد شملت جميع الصلاة، والسلام من جملتها، ولأنه لو وجبت النية في السلام لوجب تعيينها كتكبيرة الإحرام، ولأنها عبادة فلم تجب النية للخروج منها كسائر العبادات، وقياس الطرف الأخير على الطرف الأول غير صحيح، فإن النية اعتبرت في الطرف الأول لينسحب حكمها على بقية الأجزاء بخلاف الأخير، ولذلك افترق الطرفان في سائر العبادات، قال بعض أصحابنا: ينوي بالتسليمتين معا الخروج من الصلاة، فإن نوى مع ذلك الرد على الملكين وعلى من خلفه إن كان إماما، أو على الإمام ومن معه إن كان مأموما، فلا بأس، نص عليه أحمد فقال: يسلم في الصلاة وينوي في سلامه الرد على الإمام، لما روى مسلم عن جابر بن سمرة قال: كنا إذا صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنا إذا سلمنا السلام عليكم، السلام عليكم، فنظر إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما شأنكم؟ تشيرون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس إذا سلم أحدكم فليلتفت إلى صاحبه ولا يومئ بيده.
وفي لفظ: إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم يسلم على أخيه ـ من على يمينه وشماله.
وروى أبو داود قال: أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نرد على الإمام وأن يسلم بعضنا على بعض.
وهذا يدل على أنه يسن أن ينوي بسلامه على من معه من المصلين، وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة.
انتهى.
وما ذكر ابن قدامة أنه ظاهر نص الشافعي هو قول في المذهب، والأصح أن نية الخروج من الصلاة لا تشترط عند الشافعية ـ أيضا ـ قال في مغني المحتاج: والأصح أنه لا تجب نية الخروج من الصلاة قياسا على سائر العبادات، ولأن النية السابقة منسحبة على جميع الصلاة، ولكن تسن خروجا من الخلاف.
انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني