السؤال
فضيلة الشيخ: لي أخت تكبرني بعدة أعوام كانت مسافرة لبلد بعيد لمدة عشرين عاما ولما جاءت تزورني دخلت علي وأنا أجلس مع رجل غريب وهي متبرجة ولما طلبت منها أن لا تفعل ذلك ثانية وأن تلتزم بالآداب الشرعية والإسلامية ثارت وأخبرتني أنها لم تفعل شيئا خطئا وأنني أخوها الصغير وليس من حقي أن أقول مثل ذلك فثارت ثائرتي وأخبرتها أنها إن لم تفعل ما أقول فلن أسمح لها بالمجيء إلي مرة ثانية ولو أطالت في الحديث بنفس الطريقة وأصرت على موقفها فسوف أطردها خارج المنزل، ولكنني لم أفعل ذلك وانتظرت إلى أن عادت إلي بيت زوجها، والسؤال: أنا الآن لا أحدثها بالتليفون مع العلم أنني في جميع الأحوال لم ولن أزورها فهي تسكن بعيداً عني ولا أذهب أبداً إلى المكان الذي تسكن فيه وكنت أكتفي بالحديث معها بالتليفون والآن أكتفي بإرسال رسائل التهنئة في الأعياد، فهل أنا قاطع لرحمي؟ مع العلم أنني أخشى إذا جاءت إلي مرة أخرى أن تضعني في ذلك المأزق مرة أخرى وأن أعصي الله فيها بأن أضربها، أو أسبَّها، أو أطردها من بيتي لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح وسوف يقول الناس عني أنني لا أستطيع أن أحافظ على أهل بيتي وأن أختى تتصرف كما يحلو لها وأنها متبرجة وتدخل على الرجال، وربما زوجتي تعيرني بذلك فأنا ألزمها بطاعة الله وبالحجاب وبعدم الدخول على الأجانب والحديث معهم.
وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن بينا في عدة فتاوى أن صلة الرحم يرجع فيها إلى العرف، فراجع فيه الفتوى رقم: 112136.
فإن جرى العرف بأن إرسال مثل هذه الرسائل مما تتحقق به الصلة كان الشخص واصلاً لرحمه، وإلا كان قاطعاً لها، وإن كانت أختك هذه على ما ذكرت من التبرج ودخولها على الأجنبي بهذا الحال وإصرارها أنها على صواب في ذلك فهي عاصية لربها، فالحجاب فريضة على المرأة المسلمة وقد بينا ذلك بأدلته في الفتوى رقم: 2595.
وتمكينها الأجانب من رؤيتها على هذا الحال من التبرج إثم مبين، وقد أحسنت بغيرتك على محارم الله تعالى وإنكارك على أختك، فأنت على صواب في ذلك وهي على خطإ في دعواها أنه ليس من حقك أن تتكلم معها في هذا الأمر، وكونك أصغر منها سناً ليس بمانع شرعاً من إنكارك عليها، وإن كانت أختك جاهلة بأمور دينها فنوصيك بالصبر عليها والتلطف بها وتعليمها أمور دينها برفق ولين، فالرفق في الدعوة يثمر الخير غالباً وهو من أهم آداب الداعي، والعنف في الدعوة لا يرتجى منه إلا الصدود والإعراض في الغالب، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 52338، ورقم: 53349.
فننصحك بالاتصال بها وأن تبين لها أنك ما تكلمت معها في هذا الأمر إلا رحمة بها وشفقة عليها ونحو ذلك مما يمكن أن تؤثر به عليها عسى الله تعالى أن يجعلك سبباً في توبتها وهدايتها، فإن فعلت فالحمد لله وإن أصرت على ما هي عليه ورجوت أن يكون الهجر زاجراً لها فيمكنك هجرها، فالهجر يرجع فيه إلى المصلحة كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 134761.
والله أعلم.