السؤال
رجل لم يعدل بين زوجتيه وأولاده منهما وذلك على النحو التالي:
1ـ عندما تزوج من الثانية هجر الأولى لمدة 42 عاما، واستقر في أمريكا اللاتينية حتى وافته المنية قبل أيام.
2ـ لم يقدم الرجل الواجبات والحقوق المترتبة عليه كرب أسرة للزوجة الأولى وأولاده منها طيلة فترة غيابه، زار الوطن ثلاث مرات متقطعة خلال فترة غيابه المتواصل 48 عاما.
3ـ أعطى كل الرعاية والاهتمام لزوجته الثانية من حيث الإنفاق والعطايا، وخصهم بجميع ثروته في أمريكا.
4ـ وزع ممتلكاته في أرض الوطن قبل وفاته على زوجتيه وأولاده منهما بطريقة غير شرعية وغير عادلة، فكان يكيل بمكيالين، فأعطى الزوجة الثانية 5 قطع من الأراضي دون أن يعطي شيئا للأولى.
5ـ منع زوجته الأولى من السكن في منزله.
وبناء على ما تقدم أود أن أطرح بعض الأسئلة شاكرا لكم تكرمكم بالإجابة عليها:
1ـ هل يجوز شرعا للرجل أن يسجل، أو يهب بعضا من ممتلكاته لزوجة دون الأخرى؟
2ـ ما حكم من لا يعدل في المعاملة والإنفاق بين زوجاته وأبنائه؟
3ـ بعد وفاة الرجل وقد وهب وسجل بعضا من ممتلكات لزوجته الثانية ظلما، فهل يجوز لباقي الورثة المطالبة بحقهم الشرعي في هذه الممتلكات والأراضي من خلال المحاكم الشرعية والنظامية؟.
4ـ هل ينطبق على الزوجة الأولى عدة الزوجة المتوفي زوجها حيث إنه هجرها 48 عاما.
5ـ هل يجوز للزوجة الأولى الدعاء على من ظلمها؟ فهي تكثر من الدعاء في كل صلاة وكلما سمعت الأذان على جميع من ظلموها وهضموا حقوقها وحقوق أبنائها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلعل من المناسب أن نجيب على هذه الأسئلة التي أوردتها في نقاط محددة فنقول:
النقطة الأولى: الأصل أنه يجب على الزوج أن يعدل بين زوجتيه في المبيت، وأن ينفق عليهما بالمعروف، وميله في المبيت إلى إحداهما دون الأخرى ظلم بين كما بينا بالفتوى رقم: 2967.
وقد اختلف الفقهاء في مسألة وهي هل يجب على الزوج أن يعدل بين زوجاته فيما زاد على النفقة؟ والراجح من أقوالهم أن هذا غير واجب، وأنه يجوز له التفضيل بينهن في الهبة، ويمكنك أن تراجع فتوانا بالرقم: 124530.
ولكن يشترط لصحة الهبة الحوز المعتبر شرعا قبل حصول المانع كموت بأن يكون الواهب قد رفع عنها يده، وحازها الموهوب له، وتمكن من التصرف بها تصرف الملاك. وانظر الفتوى رقم: 10390.
النقطة الثانية: أنه يجب على الزوج نفقة أولاده الصغار الذين لا مال لهم، فإذا امتنع أبوهم عنها وكان موسرا بها، وأنفقت الزوجة على أولادها بنية الرجوع بها على أبيهم جاز لها الرجوع عليه فيها، وتبقى نفقتها هي دينا في ذمته، وكذا مؤخر صداقها، فإذا مات أخذت ما لها عليه من تركته قبل قسمتها. وراجع الفتوى رقم: 119735.
وبناء على التفصيل بالنقطتين الأولى والثانية يتبين ما إذا كان للزوجة والأولاد حق لهم المطالبة به، أو ليس لهم حق.
وننبه إلى أنه يجوز التحاكم إلى المحاكم الشرعية، وأما المحاكم الوضعية فلا يجوز التحاكم إليها إلا لضرورة كما سبق أن بينا بالفتوى رقم: 67540.
النقطة الثالثة: أن مجرد هجر الزوج لزوجته لا تزول به العصمة، فتظل الزوجية قائمة، فإذا توفي الزوج قبل أن يكون طلاق أو فسخ للزواج وجب على المرأة عدة الوفاة مهما طالت مدة الهجر.
النقطة الرابعة: أن دعاء المظلوم على الظالم جائز، ولكن الله تعالى عفو يحب العفو، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يجازي السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح، فينبغي أن نكون كذلك، فهذا أعظم لأجره، وخاصة إذا كان الظالم قد مات وأفضى إلى ربه، وأصبح رهين عمله. وراجعي الفتوى رقم: 54408.
وننبه في الختام إلى أن كثيرا من الأمور المذكورة بالسؤال كالنفقة والهبة ونحوهما من مسائل المنازعات لا ينبغي أن يكتفى فيها بالفتوى، بل لا بد من الرجوع فيها إلى المحاكم الشرعية للنظر فيما قد يحتاج إلى النظر من ثبوت ما يدعى على ذلك الميت، ولرفع الخلاف فيما فيه الخلاف من تلك الجزيئات مثل إرجاع ما آثر به الوالد أحد أولاده بعد موته، أو نحو ذلك.
والله أعلم.