السؤال
ما حكم إعجاب الإنسان بنفسه، وكيف ينبغي التصرف مع هذا الشعور خاصة في الحالات التالية:بعد أن يقوم الإنسان بعمل صالح ومفيد، سواء أمدحه الناس أم لم يمدحوه، يتذكر الإنسان فعله ويعجب بنفسه ويمكن أن يبتسم أو أن يضحك بسبب ذلك. ما حكم ذلك وكيف يجدر التصرف معه خاصة وأن ذلك قد يحدث دون أن ينتبه له الإنسان؟ وماذا لو حدث الإنسان بما قام به للناس وقد يشعر بالفخر بسبب ذلك. أينافي ذلك الإخلاص؟و يفكر الإنسان بعد العمل الصالح في ردة فعل الناس حيث يتوقع منهم الاستحسان والإعجاب والاحترام، فهل ينافي ذلك الإخلاص؟وقد يعجب الإنسان كذلك بصفة موجودة بنفسه، فينظر إلى نفسه و يقول:" أنا ذكي" أو "أنا كريم"، "أنا رحيم".. و يحدث ذلك سواء نبهه الناس إلى تلك الصفة أو حتى بدون تنبيههم، ما حكم ذلك أيضا؟وعند الوقوف أمام المرآة، يعجب الإنسان بجماله؟ فما حكم ذلك؟ وهل يشرع أن يتجمل الإنسان في هيئته بنية أن يكون محترما بين الناس؟أحيانا، عند شراء الملابس، قد يقترح عليك أحد الأقارب بعض أنواع الملابس خاصة تلك المواكبة للموضة قائلا: "اشتر هذه الملابس، إنها جيدة للمباهاة أمام الناس". فما حكم ذلك وكيف ينبغي على المنصوح أن يتصرف في مثل هذه الحالة، هل يمتنع عن شراء تلك الملابس المنصوح بها أم ماذا؟جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن العجب سبب من أسباب الهلاك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : .... وثلاث مهلكات : هوى متبع، وشح مطاع، وإعجاب المرء بنفسه . رواه البزار والبيهقي وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع الصغير، وفي الحديث: لو لم تكونوا تذنبون لخفت عليكم ما هو أكبر من ذلك العجب العجب. رواه البيهقي وحسنه الألباني .
وفي الحديث : بينما رجل يمشي في حلة تعجبه نفسه مرجل جمته إذ خسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة . متفق عليه .
وقال ابن مسعود: الهلاك في اثنين القنوط والعجب.
وعلاج ذلك بالعلم المحقق بأن العبد وعمله وأوصافه كل ذلك من عند الله تعالى نعمة ابتدأه به قبل الاستحقاق، وبأن تطالع في كتب الترغيب والترهيب حتى يكون عملك مراعى فيه طلب ثواب الله تعالى ويتلاشى مدح الخلق وذمهم، وحتى يكون فرحك بنيل نعمة الله التي أسبغها عليك، وأن تشعر إذا عملت عملا بشدة الحياء من الله عز وجل والخوف من عدم القبول كما قال تعالى : والَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ {المؤمنون : 60}. روى البغوي عن عائشة رضي الله عنها قالت : يا رسول الله وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ. أهو الذي يزني ويشرب الخمر ويسرق ؟ قال : لا يا بنت الصديق، ولكنه رجل يصوم ويصلي ويتصدق ويخاف أن لا يقبل منه .
وقال الله تعالى : وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا {النور: 21}. وقال الله تعالى : وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا {النساء: 83}. وقال الشافعي : رحمه الله تعالى : إذا أنت خفت على عملك العجب فانظر رضا من تطلب، وفي أي ثواب ترغب ومن أي عقاب ترهب وأي عافية تشكر وأي بلاء تذكر، فإنك إذا تفكرت في واحد من هذه الخصال صغر في عينيك عملك. اهـ
وقال العلامة محمد مولود في مطهرة القلوب :
والعجب الاستعظام للنعمة مع نسيان كونها من الله تقع
طبب بعلم أنه تعالى هو المصور وموتي الآلا
والعجز أن تخلق نفعا أو ضرر فهو من الجهل بالأمرين صدر
وعلى العبد أن يتذكر النعم دائما، وأن يجدد الشكر لله عليها، وأن يشغله خوف سلب النعمة عن الإعجاب بها، ولينظر إلى الكفار والفساق، وقد سلبوا نعمة الإيمان والطاعة، ولينظر إلى من أصيبوا بحوادث سير كانت سببا لتشوه خلقتهم وإعاقتهم، وليحمد الله أن عافاه وسلمه، وليحرص على صرف نعم الله فيما يرضي الله، فليوظف الذكاء والكرم في طلب العلم ونفع الخلق وليصرف النظر عن كلام الناس، ولا يضره ما إذا مدحوه دون تشوف منه؛ لذلك فقد قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه قال: تلك عاجل بشرى المؤمن. أخرجه مسلم .
وأما لبس الجميل من الثياب والنعال فلا حرج فيه لما في الحديث عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر: بطر الحق وغمط الناس . رواه مسلم .
والله أعلم.