السؤال
أعتذر عن إزعاجكم في هذا السؤال أحبتي في الله، ولكن إرفاقا للسؤال الأخير الذي أرسلته لكم ولم أتلق إجابة عليه إلى الآن؛ لأنه لم يمض عليه وقت كثير. أنا حاليا في روما في بعثة دراسية لمدة شهر ونصف، ويوم الجمعة يكون دواما مكثفا في الجامعة، ولكني أريد الصلاة، ولا يوجد هنا مساجد، ولا حتى مسلمين إلا ما ندر. وأخيرا وجدت مسجدا كبيرا هو الأكبر في أوروبا كلها، ولكنه بعيد جدا عنا، ولكني عزمت الذهاب وترك المحاضرات، ولكن كان للأسف يوم الجمعة إضرابا في المواصلات العامة والقطارات في روما، فلم أدر ماذا أفعل، خصوصا وأن معي سبعة آخرين منهم 3 فتيات. والمؤسف في الأمر أن غالبهم لا يصلون أبدا حتى أن بعضهم لا يعرف كيف يتوضأ أو يصلي. فانا أجتهد عليهم دائما قدر استطاعتي.
المهم في الأمر أنني قررت بعد تفكير وقراءة سريعة على الانترنت أن أصلي بهم الجمعة في الفندق في غرفة كبيرة، ولكني خجلت جدا أن ألقي خطبة، خصوصا وأنها أول مرة لي، وأنني لم أكن جاهزا أبدا، لأننا كنا مقررين الذهاب للمسجد، وفي الصباح تفاجئنا بالإضراب، وأيضا الطلبة الذين معي غير جديين، وقالوا لي: ربما نضحك عليك أثناء الخطبة، وقرأت أن هناك خلافا بين العلماء في أن الخطبة شرط أم لا؟ وأخذت بقول الحسن البصري وغيره في هذه الحال، ولم ألق خطبة، ولكني صليت بهم جمعة اجتهادا ولم أصل ظهرا. فهل ما فعلته صحيح؟
وهل إن رفضت إدارة الجامعة أن نخرج يوم الجمعة جميعا للمسجد، وأن نلتزم بالمحاضرات، فهل يجوز لي أن أصلي بهم في وقت الفراغ الصغير بين المحاضرتين وقت الظهيرة الجمعة؟ أم الظهر ؟ مع خطبة أم بدون ؟ لأني أريد أن يصلوا جميعا، ولا أريد أن أذهب لوحدي للمسجد البعيد وقتها هم لا يصلون بدوني. أرجو أن تصلني إجابة سريعة؛ لأنه لم يبق سوى 4 جمعات علينا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالخطبة شرط في صحة الجمعة في قول عامة أهل العلم، والقول المنسوب إلى الحسن البصري رحمه الله يكاد يكون شاذا، وهو خلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة صحابته، وما سارت عليه الأمة من تقدم خطبتين قبل الجمعة.
قال ابن قدامة في المغني : الْخُطْبَةَ شَرْطٌ فِي الْجُمُعَةِ ، لَا تَصِحُّ بِدُونِهَا كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ ، وَالنَّخَعِيُّ ، وَقَتَادَةُ ، وَالثَّوْرِيُّ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَإِسْحَاقُ ، وَأَبُو ثَوْرٍ ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا ، إلَّا الْحَسَنَ ، قَالَ : تُجْزِئُهُمْ جَمِيعَهُمْ ، خَطَبَ الْإِمَامُ أَوْ لَمْ يَخْطُبْ ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةُ عِيدٍ ، فَلَمْ تُشْتَرَطْ لَهَا الْخُطْبَةُ ، كَصَلَاةِ الْأَضْحَى. وَلَنَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : { فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ } وَالذِّكْرُ هُوَ الْخُطْبَةُ ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَرَكَ الْخُطْبَةَ لِلْجُمُعَةِ فِي حَالٍ ؛ وَقَدْ قَالَ : { صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي } وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : قَصُرَتْ الصَّلَاةُ لِأَجْلِ الْخُطْبَةِ وَقَوْلُ عَائِشَةَ نَحْوٌ مِنْ هَذَا وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : كَانَتْ الْجُمُعَةُ أَرْبَعًا فَجُعِلَتْ الْخُطْبَةُ مَكَانَ الرَّكْعَتَيْنِ . اهـ .
هذا فيما يتعلق بالخطبة، وقد ذكرنا في جواب سؤالك السابق أن من شروط وجوب الجمعة وصحتها وجود عدد من المستوطنين، وطالما أن هذا الشرط مفقود عندكم فعليكم أن تصلوا الظهر أربع ركعات، وعليكم أن تقضوا الظهر التي صليتموها على أنها جمعة من غير خطبة.
وننصحك بالاجتهاد في دعوة من معك من المسلمين إلى المحافظة على الصلوات، وتذكيرهم بالله، ولك الأجر في ذلك إن شاء الله تعالى.
والله أعلم.