السؤال
ما الحكم لو حلف إنسان ألا يفطر مع أصدقائه، ثم انتقل إلى مكان آخر، وفي يوم جاء أحد أصدقائه وأفطر معه، علما أنني في الوقت الذي يمكن أن يكون حلفت فيه كنت مصابا بوساوس الطلاق، كنت في هذه الفترة كل ما أريد فعل شيء يأتيني في ذهني تكون زوجتي كذا، والله لم أتذكر يوما أنني حلفت صراحا كلها يأتيني الحلف في ذهني، لكن لو حلفت بالفعل على عدم الفطور معهم، ثم خرجت إلى سكن آخر، وبعد فترة جاء لي أحدهم وأفطر معي. فما الحكم؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنريد أولاً التنبيه إلى أن اليمين تتقيد وتتخصص بنية صاحبها، وبالسبب الحامل عليها، وأن من حلف على أمر وخالف ما حلف عليه يكون قد حنث في يمينه. وبالتالي يترتب عليه ما في الحنث في تلك اليمين، ومن شك هل حلف أم لا؟ فلا شيء عليه؛ لأن الأصل عدم اليمين حتى يثبت يقين بوجوده، وكذا الحال في وساوس الطلاق فإنه لا ضرر فيها على العصمة، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 148725.
وبناء على ذلك، فلا يلزمك شيء إذا لم تتحقق أنك حلفت على شيء، سواء شككت في الحلف بالطلاق أو غيره. وعلى افتراض تيقنك أنك قد حلفت ألا تفطر مع أي من أصدقائك، ولم تقيد ذلك بزمان ولا مكان، فأفطرت مع أحدهم في غير مسكنك الأول فقد حنثت في يمينك، وبالتالي فتلزمك كفارة يمين إن كنت قد حلفت بالله تعالى، وهذه الكفارة سبق بيانها في الفتوى رقم: 107238.
وإن كانت يمينك بالطلاق فهو نافذ عند جمهور أهل العلم بمن فيهم المذاهب الأربعة وهو القول الراجح، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية تلزمك كفارة يمين إن كنت لا تقصد طلاقاً، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 19162.
ولا تحنث إن نويت عدم الفطر مع أصدقائك في مسكن معين، ثم أفطرت مع أحدهم بعد الانتقال لمسكن آخر؛ لأن اليمين مبناها على نية الحالف، كما سبق في الفتوى رقم: 137799.
أو حلفت لسبب معين يتعلق بتصرف أصدقائك مثلاً فزال ذلك السبب من غير فعل منك فلا حنث عليك أيضاً، وراجع الفتوى رقم: 148377، واعلم أن هذه الأجوبة إنما أردنا بها مجاراتك فيما سألت عنه.
وأما في خصوصك أنت فالظاهر أنه لا شيء عليك لأنك لا تتذكر أنك حلفت يوماً، وقد ذكرنا لك أن الأصل عدم اليمين فلا ينتقل عن هذا الأصل إلا بيقين.
وأخيراً ننصحك بالابتعاد عن الوساوس والشكوك، فأنفع علاج لها عدم الالتفات إليها مطلقاً. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 142465.
والله أعلم.