السؤال
أنا من مصر عمري: 25 عاما لا أعمل فكرت أن أعمل مشروعا فوجدت الصندوق الاجتماعي ـ حكومي ـ يقدم قروضا فسألته عن شرعيتها فأجاب بالتالي:في البداية يسعدنا طلبكم هذا، لأنه يدل على شباب ملتزم بعقائده، شباب واع يستقصي الحقائق، وهذا ما نريده لشبابنا، أما بالنسبه للاستفسار يشرفني أن أحيط سيادتكم علماً ببعض الأمور التي قد تكون غائبة عنكم في هذا الصدد وهي أن قروض الصندوق الاجتماعى للتنمية بفتوى الشيخ نصر فريد واصل هي تمويل تنموي وقد أحل التعامل بها، ومما يثبت حل ذلك التمويل:1ـ منح قروض الصندوق الاجتماعي للتنمية لإنشاء مشاريع وليس لأشخاص وهدفها تشغيل الشباب.2ـ الفائدة على قروض الصندوق الاجتماعي هي فائدة متناقصة وليست ثابتة، أو مركبة.3ـ معدل العائد على القرض عند منحه لا يساوي إطلاقاً معدل التضخم النقدي في العملة عند سداده بمعني أن القيمة الشرائية للجنيه عند أخذ القرض لا تساوي القيمة الشرائية للجنيه عند سداد القرض بعد خمس سنوات وبالتالي فهي متناقصة وليست متزايدة.4ـ يساهم الصندوق الاجتماعي في خسارة المشروع لقدر الله في حالة حدوثه عن طريق مجموعة من الآليات قد تؤول في كثير من الأحيان إلي الإعفاء الكامل من مبلغ القرض المتبقي وذلك في حالة حدوث كارثة طبيعية للمشروع مثل الحريق، أو السرقة وخلافه وهذا ما لا تجده في القروض ذات الطبيعة الربوية فهي تكون لأشخاص ولا يعنيها نجاح، أو فشل الشخص، إنما يعنيها استرداد المبلغ بالكامل مع الفوائد المتراكمة عليه وأعتقد أن بهذا الشرط بالذات تكون قد انتفت صفة الحرمة على قروض الصندوق الاجتماعي، فهل فعلا لا تعتبر ربا؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن هذه الضوابط المذكورة في السؤال تميِّز قروض هذا الصندوق الاجتماعي عن القروض التقليدية من البنوك الربوية، من جميع الحيثيات المذكورة، ولكن في الوقت نفسه يبقى فيها أصل الإشكال، وهو أن حقيقة القرض الربوي لا زالت موجودة ولو في بعض الحالات، فلو افترضنا أن أحد الشباب المستفيدين من هذا المشروع الاجتماعي قد بذل قصارى جهده لإنجاح مشروعه والتربح منه، ولكنه لم ينجح في ذلك بسبب متعلق بالسوق نفسه، فخرج دون ربح ولا خسارة، أو بربح أقل من قيمة الفائدة المستحقة على القرض، ففي هذه الحالة يجب عليه رد القرض مع فائدته المقررة سلفا، بما يعني أنه سيخسر جزءا من رأس المال نفسه في سداد الفوائد، مع كونه قد خسر وقته وجهده، وهذا يوضح أن هذا العقد لا يقوم على المشاركة ولا المضاربة، بل لا يعدو كونه قرضا ربويا، ولكنه ميسر الأداء، ويتوفر فيه بعض المعايير الاجتماعية والإنسانية، وعلى أية حال فربا الديون معناه الزيادة في الدين مقابل الزيادة في الأجل، بغض النظر عن تيسير السداد والاعتبارات الإنسانية في بعض الحالات، والقاعدة المقررة عند الفقهاء أن كل قرض جر نفعاً فهو ربا، وراجع الفتويين رقم: 42437، ورقم: 125641.
هذا، ويجدر التنبيه على أن أصل فكرة إعانة الشباب وتوفير فرص العمل لهم مما يُحمد ويشكر، ومما ينبغي أن يُشجَّع، ولكن ينبغي مع ذلك مراعاة الضوابط الشرعية، والتي سوف تعود على الجميع بالنفع، فلو عُدِّل هذا القرض لكي يكون عقد مضاربة بين الصندوق وبين الشباب المستفيدين، مع تقديم دراسات الجدوى وتوفير الضمانات الكافية التي يراعى فيها جانب التكافل والتعاون وقيام الدولة بمسئوليتها تجاه أبنائها، لكان ذلك كفيلا بحل مشكلة الشباب، وفي الوقت نفسه يعود بالنفع على ميزانية الصندوق، وقبل هذا وذلك يكون فيه مراعاة لحدود الشريعة التي لا تأمر إلا بالخير ولا تجيء إلا بالمصلحة العامة والخاصة: وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا.
والله أعلم .