السؤال
إن الإفتاء يستند إلى صحة التفسير، فإذا صح تفسير الآيات القرآنية جاء الإفتاء سليماً صحيحاً لذلك أرجو أن تتقبلوا مني هذا التوضيح في سورة الرحمن للآيات: 19، 20، 24 ـ نعلم أن الله عز وجل يبين لنا في هذه السورة دلائل عظيم قدرته وبديع صنعته حتى نؤمن بوحدانية الله سبحانه وتعالى، الآية: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ* بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ ـ التفسير: هو إظهار قدرة الله في كيفية تكوين بحر المياه العذبة من بحر المياه المالحة والفصل بينهما ببرزخ المسافة الفاصلة بين المياه العذبة ومنسوب سطح البحر وفي النهاية تلتقي المياه العذبة بالمالحة، والآية: وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ ـ الجواري ما هي؟ قالوا وأجمعوا: أنها المراكب، أو الفلك، فهل هذه المراكب من عظيم صنع الله وقدرته؟ أم الأمواج المنشأة في البحر وهي تجري متلاحقة ومستمرة ولها من القوة والعظمة؟ هذا ما أردت أن أوضحه لسيادتكم والله المستعان.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإننا ننصح جميع الإخوة الباحثين أن يحرصوا على تعليم تفسير القرآن انطلاقاً من كلام أهل الاختصاص من علماء التفسير قبل أن يحاول الواحد اكتشاف نظرية جديدة، وأما عن الكلام المذكور في البحرين فالذي يظهر لنا حسب الواقع المشاهد أن الأنهار قد لا تكون متكونة من البحار وهذا مشاهد في دجلة والفرات فإنهما يصبان في الخليج ولا تتكون مياههما منه، ومثل ذلك نهر السنغال في إفريقيا الغربية فهو يصب في المحيط الأطلسي وروافده التي يتكون منها هي السيول التي تصب فيه من جبال بدولة بوركينا فاسو وموريتانيا، وقد سبق أن تكلمنا عن البرزخ في الفتوى رقم: 15350.
وأما الجواري: فإن تفسيرها بالسفن يشهد له قوله تعالى في الآية الآخرى: إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ {الحاقة:11}.
وقوله: أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ {31}.
وتفسيرها بالسفن مروي عن علماء السلف مثل مجاهد وغيره، ويؤيده أيضاً قوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ* إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ* أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا {32-33-34}.
فإن المراد بيوبقهن أنه يهلك أصحاب السفينة بذنوب أهلها، كما قال الطبري والقرطبي وابن كثير، ومن المعلوم أن الأمواج لا تحمل أناساً يخشى عليهم الغرق بسبب ذنوبهم.
والله أعلم.