الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج الوسواس في الاعتقاد والطهارة والصلاة

السؤال

فوالله لا أعرف أبدا مشكلتي ولا سؤالي، ولكنني باختصار كنت ملتزما قليلا وكنت محافظا على الصلاة، ولكنني موسوس في حاجات كثيرة أصبت بسلس البول الناتج عن الاحتقان الجنسي غالبا فكانت ملابسي تتنجس وكنت أتأخر في الحمام لغسلها لكل صلاة وكنت دائما أغير ملابسي كلها حتي يفضى الدولاب، وفي هذه الفترة أصبت بوسواس آخر وهو الأفعال الكفرية، فمثلا التسخط الشديد وإلقاء ما به لفظ الجلالة على الأرض وكنت أغتسل مرات ومرات في اليوم حتى أدخل الإسلام وأتأخر في الغسل لمدة ساعات أربع وكانت لي بنت أخت صغيرة تبول في الأرض وملابسها المبللة تختلط مع ملابس باقي البيت عند وضعها في الحمام إلى حين غسلها وأنا في فترة كنت تعبت من كثرة طهارتي من السلس فكنت لا أبالي فظنت أن البيت كله وإن كان بعضه يقينا أنه تنجس وكنت أضع ملابس في الدولاب رغم أني لبستها مرة واحدة، تركت الصلاة لهذه المعاناة منذ سنة تقريبا وأصبت باكتئاب وفراغ وهم وحزن متلازم وعزلة في البيت وخنقة من كل أفراد أسرتي وفشل في الدراسة ووسوسة في العقيدة حتي زملائي الذين دوما كنت أذكرهم بالله صرت أسوأ منهم وصاروا يقولون حرام يا شيخ فقررت الرجوع إلى الصلاة وليس للآخرة، ولكن من أجل أن الامتحانات قربت ولا أعرف أن أذاكر من الاكتئاب وتأتي المشاكل الآتية أولا: أن نيتي ليست لله، بل للدنيا أولا، لأنني أصبحت بلا هدف ولا أريد سوي أن أموت ولا أبعث أريد أن لا أدخل جنة، أو نارا فضميري يؤنبني بشدة، لأنني أصلي للدنيا، ثانيا: أنا مصاب بسلس البول وأصلي من غير ما أتطهر، لأنه صعب جدا جدا أن أتطهر حتى وضع خرقة صعب جدا علي، والمشكلة الأكبر أنني في آخر الوضوء ـ وأتوض لكل صلاة طبعا ـ أصبحت أعيش لكي أنهي اليوم وعندما أصحو أشيل هم الساعات كيف أضيعها؟ وفي كل هذا أتسخط سخطا شديدا ـ ربي يسامحني ـ وأقول غالبا سأعذب في النار وأخيرا كنت في أول التزامي محافظ على الصلاة، أفعل الخير وأمتنع عن بعض الذنوب وكانت حياتي سعيدة بعد فعل الحسنات، هذا جزء يسير من بعض حياتي وما خفي كان أعظم، وأحيانا من الزهق أفعل خيرا ولا أدري هل سآخد عليه أجرا أم لا، ثالثا ادعو لي أن أنجح فأنا في كلية الطب وعندي امتحانات بعد شهرين أصبحت لا أجيد أن أقرأ سطرا بتركيز وأعلم أن هذا بسبب ترك الصلاة والمعاصي، ولكن الفراغ قاتل والاكتئاب والوسوسة شديدان وارتحت بعد هذا الكلام قليلا، لأن هذا الموقع أحب المواقع إلي وكفى ما به من تفريج كربات المسلمين أسأل الله أن يفرج كروبكم في الدنيا والآخرة يا رب وأن تكون وصلت رسالتي، أريد أن أتخلص من كل هذا البلاء ولكن لا أريد أن أشتري الدنيا وأبيع الآخرة وهناك بعض الناس ذاهبون إلى فلسطين من مصر للانتفاضة فهل أروح معهم لأموت وأتخلص، ومن المكن أكون شهيدا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله لك العافية مما ألم بك من الداء العظيم، واعلم أن الدواء الناجع في علاج الوسوسة هو الإعراض عن الوساوس وعدم الالتفات إليها مهما عظمت، أو كثرت، فإنها من الشيطان يريد أن يصد بها العبد عما فيه مصلحته، وقد أخطأت ـ أيها الأخ الفاضل ـ حين مكنت الشيطان من نفسك ليبذر فيها بذور الشر حتى حملك على ترك الصلاة الذي هو من أعظم الذنوب، فعليك أن تبدأ في الحفاظ على صلاتك ولا تضيعها ولا تفرط في شيء منها فإن طاعة الله هي سبب السعادة في الدنيا والآخرة، وإن وسوس لك الشيطان أنك إنما تصلي من أجل الامتحانات فأعرض عن وسوسته وقل له بلسان حالك، بل إني أصلي لله تعالى، وأمارة ذلك أنك ستحافظ على الصلاة ـ إن شاء الله ـ حتى بعد أن تنقضي الامتحانات.

وأما سلس البول: فننصحك أن لا تطيل المكث في الخلاء، بل متى فرغت من حاجتك فانهض، ثم إن كنت تتضرر بالتحفظ بشد خرقة على الموضع فلا يلزمك ذلك، ونرى أن لك سعة ـ إن شاء الله ـ في الأخذ بمذهب مالك فإنه يسير جدا في هذا الباب ريثما يشفيك الله عز وجل من الوسوسة، وعلى مذهب مالك ـ رحمه الله ـ لا يضرك ما يخرج منك من البول، ولا يلزمك غسل ما يصيب بدنك وثوبك من هذه النجاسة فإنه يعفى عنها للمشقة، واعلم أنه لا يجب عليك عند أحد من العلماء تبديل ثيابك ولا غسلها جميعها لأجل ما يصيبها من البول، وإنما يلزمك غسل الموضع المتنجس بالبول فحسب، وعلى مذهب مالك فالأمر سهل ـ إن شاء الله ـ وقد بينا لك أنه لا حرج عليك في العمل به ريثما تتحسن حالك ـ إن شاء الله ـ واعلم أن الأصل عدم انتقال النجاسة من جسم لآخر حتى يحصل اليقين الجازم بانتقالها، فإذا فعلت ما أرشدناك إليه كان الأمر سهلا جدا ولم يكن عليك فيه أي مشقة، وأما وساوس الاعتقاد فلا تلتفت إليها، بل تعوذ بالله منها كلما عرضت لك وجاهد نفسك على التخلص منها واعلم أنها لا تضرك ما دمت كارها لها نافرا منها كما هو الحال، وانظر للفائدة الفتاوى التالية أرقامها، 134196، 51601، 147101.

فنكرر نصحنا لك ـ أيها الأخ الكريم ـ أن تخرج نفسك من هذا الجو الكئيب وأن تقبل على شأنك غير مكترث بهذه الوساوس وأن تمارس حياتك بصورة عادية وأن تجتهد في دراستك مستعينا في ذلك كله بالله تعالى، ولا حرج في أن تراجع طبيبا نفسيا، فإن هذا أمر حسن وهو امتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتداوي، كما يمكنك مراجعة قسم الاستشارات بموقعنا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني