السؤال
هل هناك حديث معناه أن المصليين إذا تركا فجوة بينهما كان الشيطان بينهما؟ وأين تكون الفجوة؟ أبين الأقدام أو الكتفين؟ وأيضا بماذا نجيب من قال عن هذا وعن حديث: ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ـ كيف؟ أليس الشيطان دائما بيننا؟ أرجوكم تبيين هذه الشبهة للرد على مثل هؤلاء، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السنة في صلاة الجماعة تسوية الصفوف، بحيث يكون القدم مع القدم، والمنكب مع المنكب، والتراص في الصف، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وحث عليه ورغب فيه وحذر من عدم تسويتها وأخبر أن الشيطان يدخل بين المصلي والمصلي إذا تركا فرجة بينهما، وقد بوب البخاري في صحيحه فقال: باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف، وقال النعمان بن بشير رأيت الرجل منا يلزق كعبه بكعب صاحبه. وروي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أقيموا صفوفكم، فإني أراكم من وراء ظهري، وكان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه.
وعن سالم بن أبي الجعد قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم.
وعن أنس قال: أقيمت الصلاة فأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه فقال: أقيموا صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من وراء ظهري.
وعن أنس أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة. روى ذلك كله البخاري في صحيحه.
وفي سنن أبي داود: عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رصوا صفوفكم وقاربوا بينها وحاذوا بالأعناق، فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنها الحذف. وصححه الألباني. قال في عون المعبود شرح سنن أبي داوود: من خلل الصف ـ بفتحتين أي فرجته، أو كثرة تباعدها عن بعض: كأنها الحذف ـ واحدتها حذفة مثل قصب وقصبة، قال الخطابي: والحذف غنم صغار سود ويقال إنها أكثر ما تكون باليمن. انتهى.
ولا إشكال في وجود الشيطان هنا وحضوره كما لا إشكال في حضوره المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم: ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان. رواه الترمذي وصححه الألباني.
ذلك أن الشيطان يحرص على وسوسة المصلي وإدخال الشك عليه في صلاته والتشويش عليه حتى يفسدها وتراجع الفتوى رقم: 7205
ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: إلا كان الشيطان ثالثهما ـ أي أنه ينفرد بهما بالوسوسة ورفع الحياء والتزيين حتى يوقعهما في المحرمات، قال في تحفة الأحوذي: والمعنى يكون الشيطان معهما يهيج شهوة كل منهما حتى يلقيهما في الزنى. انتهى.
وقال المناوي في فيض القدير: إلا كان الشيطان ثالثهما ـ بالوسوسة وتهييج الشهوة ورفع الحياء وتسويل المعصية حتى يجمع بينهما بالجماع، أو فيما دونه من مقدماته التي توشك أن توقع فيه، والنهي للتحريم. انتهى.
فحرص الشيطان على إفساد العبادة في الحالة الآولى وعلى إيقاع المختليين في المعصية في الحالة الثانية لا ينافي كون الإنسان له شيطان قرين يلازمه، وهذا واضح.
والله أعلم.