السؤال
هل من يفعل ذنوبا كبيرة لاتقبل توبته مثل الاستهزاء الذي يخرج من الملة؟ ومتي يعرف أن الإنسان تحول الصغيرة مثل متابعة المسلسلات أو البرامج وسماع الأغاني أو غيرها إلى كبيرة؟ وهل من يتابعها شهرا ثم يتركها أياما ثم يرجع لها وهو مخطط وعازم على الرجوع، لكن يريد أن يتركها لئلا تتحول إلى كبيرة تتحول كبيرة؟ وهل لبس عباءة الكتف كبيرة؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكل ذنب تاب العبد منه توبة نصوحا تقبل الله عز وجل توبته، ولو كان الشرك بالله تعالى، كما قال الله عز وجل: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم الزمر {: 53}.
فمهما كان الذنب كبيرا ثم تاب العبد منه توبة صادقة، فإن الله تعالى يمحو أثر ذنبه، فقد ورد في الحديث: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه.
ولتنظر الفتوى رقم: 158289. وانظري الفتوى رقم: 152691، لبيان ضابط الكبائر.
ثم اعلمي ـ هداك الله ـ أن الإصرار على الصغائر يصيرها كبائر كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 127740.
ولا يكون تائبا من الصغيرة من نوى تركها مدة معينة وهو عازم على أن يعود إليها، فإن من شرط صحة التوبة العزم على عدم العودة إلى الذنب، كما أن التساهل في فعل الصغائر يجر إلى فعل الكبائر، ولذلك قيل إن الصغائر بريد الكبائر، وقد يتساهل العبد في فعل ذنب معين ظانا أنه صغيرة وهو من الكبائر في نفس الأمر، وإنما خفي عنه ذلك لجهله، كما قال الله تعالى: وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم {النور: 15}.
فعلى المسلم أن يتوب إلى الله عز وجل من جميع الذنوب كبيرها والصغير، وأن يستحضر عظمة الله تعالى، وأنه يراقبه، ويعلم أنه مطلع عليه، محيط به، وأن الأجل قريب، وأنه موقوف بين يدي ربه تعالى غدا، فمحاسبه على ما قدمت يداه.
وأما عباءة الكتف: فقد أوضحنا أن لبسها جائز إذا استوفت شروط الحجاب الشرعي، وإذا لم تستوف شروط الحجاب الشرعي لم يجز لبسها وذلك في الفتوى رقم: 97027، فانظريها.
وحيث كان لبس هذه العباءة غير جائز لاختلال شرط من شروط الحجاب الشرعي كأن كانت ضيقة، أو كانت زينة في نفسها أو غير ذلك فإنه يخشى على لابستها أن تكون بإدامة لبسها على هذه الحال مرتكبة لكبيرة من كبائر الذنوب، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من التبرج وتوعد عليه الوعيد الشديد، ومن ذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه أنه صلى الله عليه وسلم قال: صنفان من أهل النار لم أرهما، رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها.
فلتحذر المسلمة أن تعرض نفسها لسخط الله وعقوبته، فإن الله تعالى إذا غضب لم تقم لغضبه السماوات والأرض، ولتحرص المسلمة على أن تكون ثيابها موافقة للشروط والضوابط الشرعية، لئلا تعرض نفسها أو غيرها للفتنة.
والله أعلم.