السؤال
لقد قرأت فتوى للشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ بوجوب إخراج زكاة الراتب الشهري إذا حال عليه الحول وحيث إنني كنت أعتقد أنه لا زكاة على الراتب الشهري، فماذا أفعل لما مضى من السنين التي حال على الرواتب الحول فيها وهي قرابة 5 سنوات؟ فبعد التوبة بدأت أقرأ في الأحكام الشرعية حتى وقعت على هذه الفتوى ولا أدري ماذا أفعل؟ فهل أزكيها كلها دفعة واحدة الآن؟ وهل يجوز إخراج الزكاة لأكثر من ربع العشر؟ مثلاً نصف العشر من باب الاحتياط أو مثلاً حساب ربع العشر من مبلغ أكبر من المبلغ الذي حال عليه الحول من باب الحيطة؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنما قرأته من وجوب زكاة الراتب إّذا حال عليه الحول وهو نصاب صحيح، وقد سبق لنا أن أصدرنا عدة فتاوى في بيان زكاة الراتب، منها الفتويين رقم: 128619 ورقم: 49483.
وعلى هذا، فإذا كنت تستهلك الراتب أثناء السنة ولم تكن توفر منه ما يحول عليه الحول وهو نصاب، فلا زكاة عليك، إذ ليس في الراتب الشهري زكاة إلا إذا توفر منه ما يساوي نصابا بنفسه، أو بما انضم إليه من نقود أخرى، أو عروض تجارة، وحال عليه الحول الهجري، وهو كذلك والنصاب ما يساوي قيمة خمسة وثمانين جراما من الذهب، أو قيمة خمسمائة وخمسة وتسعين جراما من الفضة، وإن كنت توفر منه مبلغا يحول عليه الحول وهو نصاب بنفسه، أو بما انضم إليه من نقود أخرى، أو عروض تجارية في ملكك، وحال عليه الحول الهجري، وهو كذلك وجب عليك إخراج الزكاة عن كل سنة مضت عليك وأنت تملك النصاب، فلو فرض أنك ملكت نصابا في أول رمضان ولم ينقص النصاب حتى جاء رمضان الآخر فقد حال الحول ووجبت الزكاة في المال، وهكذا ويجب إخراج الزكاة عن السنين الماضية فورا كاملة، سواء في ذلك ما إذا كنت لم تخرجها جهلا أوتكاسلا، لأن الزكاة حق الفقراء، ولا يجوز تأخيرها من غير عذر، ولا تسقط الزكاة بالتقادم، ولا تطالب بإخراج أكثرمن ربع العشر، وعليك أن تجتهد وتتحرى في معرفة قدر ما عليك من الزكاة، وتعمل بما أداك إليه التحري، وإن زدت على ذلك فخير تقدمه لنفسك، ففي فتاوى اللجنة الدائمة: من وجبت عليه زكاة وأخرها بغير عذر مشروع أثم، لورود الأدلة من الكتاب والسنة بالمبادرة بإخراج الزكاة في وقتها.
ب ـ من وجبت عليه زكاة ولم يخرجها في وقتها المحدد وجب عليه إخراجها بعد، ولو كان تأخيره لمدة سنوات فيخرج زكاة المال الذي لم يزك لجميع السنوات التي تأخر في إخراجها، ويعمل بظنه في تقدير المال وعدد السنوات إذا شك فيها، لقول الله عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ـ وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. انتهى.
وفي الموسوعة الفقهية: الأَْصْل أَنْ يُخْرِجَ الْمُزَكِّي الْقَدْرَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ لإِِبْرَاءِ ذِمَّتِهِ، فَإِنْ زَادَ فَذَلِكَ خَيْرٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ ـ وَالزِّيَادَةُ قَدْ تَكُونُ فِي الْمِقْدَارِ أَوْ فِي الصِّفَةِ، فَمِنْ أَمْثِلَةِ الزِّيَادَةِ فِي صِفَةِ الْوَاجِبِ إِخْرَاجُ بِنْتِ اللَّبُونِ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاض، فَإِنَّ بِنْتَ اللَّبُونِ تَخْرُجُ عَنْ سِتٍّ وَثَلاَثِينَ مِنَ الإِْبِل وَبِنْتَ الْمَخَاضِ تَخْرُجُ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، وَالْحِقَّةُ عَنْ بِنْتِ اللَّبُونِ فَإِنَّ الْحِقَّةَ تَخْرُجُ عَنْ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ، وَإِخْرَاجُ الْجَذَعَةِ عَنِ الْحِقَّةِ، فَإِنَّ الْجَذَعَةَ تَجِبُ فِي إِحْدَى وَسِتِّينَ، وَمِنْ أَمْثِلَةِ الزِّيَادَةِ فِي الْمِقْدَارِ إِخْرَاجُ أَكْثَرَ مِنْ صَاعٍ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، لأَِنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا صَاعٌ عَنْ كُل فَرْدٍ. انتهى.
وقد سبق بيان هذا المعنى في الفتوى رقم: 52782
والله أعلم.