السؤال
سؤالي بارك الله فيكم: لي أخت من الأب كنت أتصل بها و أصل الرحم معها، لكنها تؤذيني كثيرا بكلامها هي وأمها، ولا تتحرج أبدا في قول ما تريد، والله المستعان، ولما تزوجت وأنجبت ابني و هو أول طفل في الأسرة كنت متحمسة جدا لأريها ابني وليرى خالته، ففتحت لها الكاميرا لأني ببلد آخر، فلما رأته أول ما قالته: جبهته عريضة، أنفه كبير، شعره أشعث. والله المستعان. فحزنت جدا لأنها قالت هذا الكلام أمام أمها وخطيبها وابن عمي، وأحسست أنها ظلمتني وظلمت ابني بكلامها، وأنها إنما تريد بذلك أن تسخر من زوجي لأنه أسود، وقد سبق وقالت كلاما فيه والله المستعان، ثم بعد هذا لم أعد أتصل بها وأصبحت أرسل لها فقط رسائل نصية على الهاتف الجوال في الأعياد، لكنها منذ أشهر تزوجت دون أن تدعو والدي لحضور عقد قرانها واستغنت عنه كولي، ولم تعلمنا بشيء حتى التقت بوالدي صدفة ببيت عمتي في عزاء فأخبرته أنها تزوجت وأن الأمر حصل فجأة، فأخذت منها موقفا لأنها لم تتزوج بحضور ولي أمرها وإن كان بينهما مشاكل لكنه لازال والدها، وقد مرت أكثر من 40 سنة على مشاكل أمها مع والدي، ووالدي الآن يكلمها و يتصل بها و يدعو لها وهو راض عن زواجها، لكنني لا أستطيع أن أكلمها لأني أعلم أن ما فعلت خطأ و في نفس الوقت لا أريد أن أقطع الرحم. فهل إرسال الرسائل النصية كاف ؟ وهل زواجها صحيح لأن والدي وإن علم بعد عقد القران لم يغضب ؟ بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الشرع بصلة الرحم ونهى عن قطعها حتى لمن يقطعها، وانظري الفتوى رقم: 77480، ولم يحدد الشرع لصلة الرحم أسلوباً معيناً أو قدراً محدداً، وإنما المرجع في ذلك إلى العرف واختلاف الظروف، فتحصل الصلة بالزيارة والاتصال والمراسلة والسلام وكل ما يعده العرف صلة.
قال القاضي عياض: وللصلة درجات بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة؛ فمنها واجب ومنها مستحب ولو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعا، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له أن يفعله لا يسمى واصلا. نقله العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري.
وأما مقاطعة الأخت بسبب وقوعها في المعاصي فالأمر في ذلك يدور مع المصلحة، فإن كانت المقاطعة تفيد في ردّها إلى الصواب فالمقاطعة أولى، وإن كان الأصلح لها الصلة مع مداومة النصح فهو أولى، وانظري الفتوى رقم : 14139
وأما عن زواجها بغير إذن أبيها؛ فإن كان العقد تم بغير ولي فهو باطل عند الجمهور، وانظري الفتوى رقم: 111441، وأما إذا كان العقد قد تم بولي أبعد كأخيها أو عمها مع كون أبيها أهلا للولاية، ولكن الأب رضي بعد ذلك، ففي صحة زواجها خلاف بين العلماء.
قال ابن هبيرة: واختلفوا فيما إذا عقد الأبعد من عصباتها مع القدرة على أن يعقد الأقرب ولم يكن ( بشاح ) ولا عضل. فقال الشافعي وأحمد: لا يصح النكاح. وقال أبو حنيفة : إذا عقد الولي الأبعد مع القدرة على عقد الولي الأقرب فإنه ينعقد موقوفا على إجازة الأقرب أو إلى أن تبلغ الصغيرة فتختار إن شاءت. وقال مالك : الولاية في النكاح نوعان؛ أحدهما: ولاية إجبار تثبت من غير استئذان كولاية الأب على الصغيرة، والآخر : ولاية إذن .
ولكن يقدم الأقرب فالأقرب كالأخ يقدم على العم، فإذا تقدم الأبعد على الأقرب من غير استئذان جاز إذا لم (يتشاحا) ذلك. اختلاف الأئمة العلماء.
فمن ذلك يتبين لك أن الواجب هو إعادة هذا العقد، وخصوصا إذا كانت أختك قد أوقعته وهي بكر؛ لأن الجماهير على البطلان حينئذ.
والله أعلم.