السؤال
جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه من خير لأمة المسلمين وجعله الله في ميزان حسناتكم، أما بعد فسؤالي هو: أنا متزوجة ومن حوالي ثلاثة أشهر أو أقل حلف علي زوجي طلاقا معلقا حيث قال: (علي الطلاق إن فعلت كذا ثانية لا أعرفك) وحين سألته أكد أنه يقصد الطلاق في حال فعلي لهذا الأمر المعين، ومن حوالي شهرين أي بعدها بشهر تقريبا حلف علي زوجي طلاقا معلقا آخر على أمر مختلف آخر حيث قال: (تكونين طالقا إن استخدمت الجوال) وأكد بعدها أنه يقصد الطلاق، والآن منذ أسبوعين تقريبا قد طلقني زوجي بقوله: (أنت طالق) دون تعليق.
فسؤالي هو الآن: يريد مراجعتي فهل إذا راجعني يبقى الطلاقان المعلقان الأول والثاني على حالهما أم أنهما انتفيا بوقوع الطلاق الفعلي الأخير؟ أي هل أنني عند ما أرجع له الآن وأستخدم الجوال أكون طالق للمرة الثانية أو إن استخدمت فعلت الأمر الأول أكون طالقا للمرة الثانية أم أني في حل منهما الآن بعد ما طلقني طلاقا فعليا؟ وما رأيكم في هذا الزوج الذي يحلف على كل شيء بالطلاق ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالجمهور على أنّ الطلاق المعلّق يقع إذا وقع ما علّق عليه -وهو المفتى به عندنا- خلافاً لشيخ الإسلام ابن تيمّية الذي يرى عدم وقوع الطلاق المعلق إذا قصد به التهديد وأنّه يمكن حلّه بكفارة يمين، وانظري الفتوى رقم : 19162
وإذا علق الزوج طلاق زوجته على صفة ثم طلقها طلاقا منجزا (دون الثلاث) فإن التعليق باق بحاله، بل وحتى لو لم يراجعها حتى انتهت عدتها ثم تزوجها ثانية فإنها إذا فعلت المعلق عليه تطلق.
قال ابن قدامة: إذَا عَلَّقَ طَلاقَ امْرَأَتِهِ بِصِفَةٍ, ثُمَّ أَبَانَهَا بِخُلْعٍ أَوْ طَلاقٍ, ثُمَّ عَادَ فَتَزَوَّجَهَا, وَوُجِدَتْ الصِّفَةُ طَلُقَتْ. وَمِثَالُهُ إذَا قَالَ: إنْ كَلَّمْت أَبَاك فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ أَبَانَهَا بِخُلْعٍ, ثُمَّ تَزَوَّجَهَا, فَكَلَّمَتْ أَبَاهَا, فَإِنَّهَا تَطْلُقُ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. المغني.
وعليه؛ فإنك إن فعلت ما علق زوجك عليه الطلاق بعد رجوعك له فإنك تطلقين بذلك، لكن ننبه إلى أن الزوج إن كان قصد تعليق الطلاق على فعل في زمن معين فإن التعليق يختص بذلك الزمن. كما لو علق طلاقها على دخول الدار وكان ينوي دخولها في هذا اليوم فقط فإنها إذا دخلت في يوم آخر لم تطلق، وذلك لأن النية في اليمين تخصص العام وتقيد المطلق.
قال ابن قدامة: وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله انصرفت يمينه إليه سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ أو مخالفا له ......... ومنها: أن يحلف على فعل شيء أو تركه مطلقا وينوي فعله أو تركه في وقت بعينه. المغني.
وننصح هذا الزوج بالابتعاد عن الحلف بالطلاق لثبوت النهي عنه ولأنه من أيمان الفساق، وقد يترتب على ذلك ما لا تحمد عقباه فيندم حين لا ينفع الندم، وراجعي الفتوى رقم: 58585
والله أعلم.