الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

طالب بالجامعة23 عاما بدأ بالتغير كثيرا عما كان بتغييره للأصدقاء مثلا, بدأ هذا الشخص بالاستئذان من أصدقائه القدامى بأنه ذاهب للمكتبة وتكرر ذلك الموقف عدة مرات وتبين لاحقا أنه يذهب لمقابلة الفتيات بالجامعة وكان ينتقد كل من يفعل ذلك وتبين أنه يدخل المكتبة لدقيقة وربما أقل ويذهب بعدها للقاء الفتيات, أي أن المكتبة نفسها لم تكن كذبا ولكنها كانت وسيلة للتضليل والخداع, وعند سؤاله والضغط عليه اعترف أنه فعل ذلك عمدا ولكنه يقول إنه ليس كذبا, هذا الأمر خلق نوعا من عدم الثقة لأنه مقتنع أن هذا العمل ليس كذبا وأصبح يعمله وهو مرتاح.
1ـ هل هذا كذب, خداع, تضليل, خبث, صدق, مكر, وما هو حكمه وعواقبه؟.
2ـ متى يصح الكذب في الإسلام؟.
مثال آخر, نفس الشخص يقول إنه ذاهب لملاقاة فتاة معينة للدراسة, يقوم بفتح الكتاب هو وتلك الفتاة لمدة 15 دقيقة كحد أقصى أي أنه درس فعلا ولكن النية بالأساس ليست الدراسة لأنه وبعدها يختفي في ذلك اليوم, وبعد رؤيته بعد 6 ساعات يقول إنه كان يدرس مع تلك الفتاة علما أنها تقول إنها لم تره سوى 15 دقيقة وذهب بعدها وهذا هو مبدؤه ونهجه في الحياة, بمعنى عمل شيء للتضليل، فهل هذا كذب؟ ومؤخرا بدأ بعمل الآتي: اقترح مشروعا لكفالة اليتيم, وأخبر الفتيات بذلك, وحث كل فتاة على إخبار صديقاتها كي ينتشر المشروع بين الفتيات, ثم أخبرني مع بضعة أصدقاء آخرين شبانا لكوننا أصدقاءه منذ زمن, وطلب منا أن نساعده في وقتها, فلم نساعده, فاستمر هو والفتيات فقط بهذا المشروع، وعند سؤاله لماذا لا يعمم المشروع على الجميع لكي يعم الخير كما يريد هو؟ فرد:
السبب والحجة: لا يريد أن يعمم المشروع على الشباب بشكل عام لأنه لا يريد أن يقوم أحد الشباب بالتحرش بالفتيات لأنه لا يستطيع ضمان الشباب فهو الشاب الوحيد فقط مع الفتيات طبعا هذا المشروع يحتاج لتخطيط, فهو يجلس مع الفتيات ساعات وساعات بحجة التخطيط لهذا المشروع وحجج أخرى, ويتم التنسيق أيضا عن طريق التلفونات, مسجات.
3ـ السؤال: هل يجوز له عمل هذه المشاريع أو إكمالها مع الفتيات فقط تحت هذه الحجة؟.
4ـ هل يجوز لشاب عمل مشروع خيري أو ديني مع الفتيات فقط تحت ظروف معينة؟.
لاحقا قام بإشراك الشباب بمشروع خيري آخر وسيخبرهم هو بالتفاصيل, ولكنه في نفس الوقت يريد إشراك الفتيات وسيعمل هو أيضا مع الفتيات ولكنه سيكون الشاب الوحيد بينهن، والفكرة لهذا المشروع هي واحدة ولكن التقسيم كأنه مشروعان واحد للشباب وآخر للبنات وهو مشترك بكليهما وطبعا جميع هذه المشاريع تحتاج لتخطيط فسيجتمع وحده لنفس الحجة أعلاه.
5ـ هل يجوز له الاجتماع بهن وحده بحجة أنه لا يضمن الشباب المشتركين بهذا المشروع؟.
الناس عليهم بالظاهر طبعا الكل يمدحه لأنه في نظرهم تقي لأنه يساعد الأيتام والكثير من الأعمال التي تظهر ذلك, هو يقول أنه يشعر بالارتياح لفعل هذه المشاريع فهو يخدم مجتمعه ولكني أعتقد أن هذه حجة فقط للقاء الفتيات والله أعلم, لأن ـ شلته وجماعته التي يجلس معها يوميا بالجامعة تتكون من الفتيات فقط, لا يوجد بها أي شاب غيره بحجة أنه يتفاهم معهن أكثر من الشباب, ومن كثرة المدح مثل دعاؤك مستجاب, الله يكثر من أمثالك وصلت به درجة المزاح أن قال لي من يضيفني على الفيسبوك, دخل الجنة.
6ـ ما الرد على هذه الجملة؟ ولأي درجة هي خطيرة من ناحية الإسلام؟.
مؤخرا أيضا قام بعمل مناسك العمرة فازدادت قناعة الناس أنه تقي, الله يعلم ما في القلوب ولكن التطور الذي حصل له هو أنه يريد زيارة فتاة معينة ببيتها لأن والدها قام بدعوته لتهنئته بالعمرة, يبرر ذلك بما أن والد الفتاة هو الداعي لهذه الزيارة فلا حرج في ذلك, هذا التطور بعد العمرة مباشرة أقل من شهر.
7ـ هل هذه الزيارة حرام شرعا؟.
نفس الشخص يدعي أن درجة الثقة بينه وبين بعض من زميلاته في الجامعة أصبحت وطيدة جدا لدرجة تخوله بمناقشة مشاكل الحياة ومشاكل المجتمع والأفكار الرومانسية بين الأزواج وغير ذلك, تم مناقشة بعض الأمور الحاصلة بليلة الدخلة بينه وبين إحدى زميلاته بطريقة علمية على حد تعبيره لأن صديقة زميلته وليس زميلته نفسها زفافها قريب جدا ولا تعرف ماذا تفعل؟.
8ـ ما الحكم الشرعي في مناقشة هذه الأمور؟.
أخيرا, هذا الشخص أنهى ثلاثة أعوام بالجامعة وما زال في السنة الأولى, أي أن السنة الرابعة ستكون أيضا سنة أولى أيضا, في عامه الأول حصلت له مشكلة مع فتاة لم يطلعنا عليها وترك الجامعة في الفصل الثاني بسببها, وفي العامين المقبلين ترك الجامعة أيضا لأسباب لا نعلمها, ولكنه يأتي للجامعة لكي يرى الفتيات لعمل مشاريعه الخيرية وللقائهن, وفي الثلاثة الأعوام دفع قسط الجامعة كاملا للفصلين كان دائما يداوم فصل أول, ويدفع الفصل الثاني ثم لا يداوم.
9ـ فهل هذا تبذير؟ وجزاكم الله خيرا, هذه محاولة لنصحه عله يستيقظ.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فننبه أولا إلى أنّ الاختلاط الشائع اليوم في المدارس والجامعات أمر منكر يجرّ إلى المجتمع كثيراً من البلايا والفتن ويفتح أبواب الفساد والشرور، وإذا لم يجد الشباب بدا من الدراسة في الجامعات المختلطة، فعليهم مراعاة أحكام الشرع وآدابه في التعامل مع النساء، ومن ذلك غض البصر وترك الكلام بغير حاجة واجتناب الخلوة المحرمة، وراجع الفتويين رقم: 2523، ورقم: 56103.

ومن ذلك تعلم أن الاختلاء بالفتيات ولو لمجرد مراجعة الدروس غير جائز، وأحرى إذا احتمل غير المراجعة، فما يفعله هذا الشاب من مصاحبة الفتيات والكلام معهن على نحو ما ذكرت عنه هو منكر يجب على من علمه أن ينكره عليه وينصحه باجتنابه، أما عدم إخبار الشاب لزملائه بما يفعله من لقاء الفتيات فليس من الكذب، بل الصواب ألا يخبر أحدا بما يفعل، فإن من ابتلي بمعصية فعليه أن يستر على نفسه ولا يجاهر بها، واعلم أن الكذب هو الإخبار بخلاف الواقع وهو محرم، بل من أقبح الأخلاق، فلا يجوز الإقدام عليه إلا في حالات معينة مبينة في الفتوى رقم: 111035.

كما أن ما يقوم به هذا الشاب من الاختلاط بالفتيات للتعاون على كفالة الأيتام ونحو ذلك غير جائز أيضا، وهو تلبيس من الشيطان واستدراج منه وخداع من النفس، ففتنة النساء خطرها عظيم، ولا ينجو منها إلا من اعتصم بالله ووقف عند حدوده ومن تهاون في ذلك واتبع خطوات الشيطان عرّض نفسه للوقوع في الحرام وأفسد قلبه وأغضب ربه، ومن كان صادقا في الرغبة في عمل الخير فليسلك الطريق المأمون ولا يعرض نفسه للفتن، وبخصوص عبارة: من أضافني على الفيسبوك دخل الجنة ـ فإطلاق مثل هذه العبارات غير جائز وفيها اجتراء على الغيب ومثل ذلك خطر على دين القائل، ففي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لاَ يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ. رواه البخاري

وفي خصوص زيارة الشاب لبيت إحدى زميلاته بدعوة أبيها له، فإن كانت الزيارة لغرض مباح ولم تشتمل على مخالفة للشرع كاختلاط محرم ونحوه، فلا حرج فيها، وأما حديثه مع بعض الفتيات في أمور المعاشرة بين الأزواج فلا يخفى أنه منكر ظاهر وانظر الفتوى رقم: 130705.
وإذا كان هذا الشاب ينفق ماله على ما لا فائدة فيه فهو مخالف لأمر الشرع، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، وللمزيد عن حكم التبذير والإسراف راجع الفتويين رقم: 49127، ورقم: 12649.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني