السؤال
أتمنى أن تكونوا بخير وعافية وأهليكم الطيبين الطاهرين، أرجو التواصل معكم لطفا، فإنه لمن دواعي السرور، ومقتضيات الحبور، أن أتشرف بطرح سؤالي عليكم للاستشارة وهذا فحواه من غير إطالة:
قد تعرفت على فتاة بقصد الزواج ونحن من بلدين مختلفين وعلمت منها أن والديها متوفيان قتلة من أخوالها لأنهما تزوجا زواج الخطيفة والبنت نجت وهي في بطن أمها بحمل 7 شهور، كما وليس أحد يعلم بعد الله أهي نتاج نكاح أم سفاح؟ وليس لديها من أهلها كلهم غير عمتها فقط، وقد تزوجت هذه البنت من قبل وباء زواجها بالفشل لكون الرجل الأول سكيرا ومدمنا وفاسقا لا تحتمل الحياة معه حتى إنه أقدم على قتلها ذات مرة ونجت من الموت بأعجوبة فتطلقت منه، وهي الآن تعيش مع عمتها، وهذه الأخيرة لا تريد زواجها بسبب طلاقها وتهدد كل من يتقرب إلى البنت للزواج بالقتل وباءت محاولات كل الناس في إقناعها بالعدول عن ذلك دون جدوى، فلم تحتمل البنت هذا الموقف لسنوات فقررت الزواج بالرغم من معارضة عمتها وأن تهرب من بيت عمتها لنعقد القران لدى القاضي أو الكاتب بالعدل وأن تعيش معي في بلدي فبعد إذنكم لدي أسئلة عدة:
1ـ ما حكم زواج الخطيفة هذا وما حقيقة شرعية البنت وحكمها؟.
2ـ ما الحكم الشرعي من زواجي بها؟.
3ـ إذا علمنا أن البنت مسلمة سنية ولكنها غير ملتزمة بالصلاة والحجاب الشرعي، بل تضع مجرد طرحة على الرأس وعباءة سوداء كما يقولون ـ ستايل خليجي، أعتذر عن الركاكة في اللفظ ـ وأنا ملتزم والحمد لله تمام الالتزام وهي لديها القابلية للالتزام على يدي، فهل أواصل؟ أم أعدل عنها إلى غيرها من ذوات الدين والاستقامة؟.
4ـ وهل إذا قلنا إن العرق دساس وأن نختار لنطفنا، وعلمنا قصة البنت، أتزوج بها أم لا؟.
أرجو الإجابة عاجلا غير آجل لأننا على عجلة من الأمر، أحترمكم جدا وأشكرا لكم سلفا وجل التحية العطرة لسموكم وجزاكم الله خيرا في أمان الله وفي حفظ الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود بزواج الخطيفة الزواج الذي يتم بدون إذن الولي فهو زواج باطل عند جمهور الفقهاء، كما بيناه في الفتوى رقم: 111441.
أما نسب الأولاد من هذا الزواج فهو ثابت للزوج، فإن كل نكاح يعتقد الزوجان صحته يثبت به النسب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وَمَنْ نَكَحَ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا، مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ، أَوْ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ، فَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْهَا يَلْحَقُهُ نَسَبُهُ، وَيَتَوَارَثَانِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.
وعلى كل حال، فإن كان لهذه البنت نسب معروف فلا يجوز لأحد أن يطعن فيه، فإن الطعن في الأنساب كبيرة من الكبائر، وأما عن حكم زواجك بهذه المرأة: فهو جائز ما دامت مسلمة عفيفة، لكن الزواج يكون عن طريق وليها، وولي المرأة هو أبوها فإن عدم الأب فالذي يزوجها على الترتيب جدّها، ثم ابنها، ثم أخوها الشقيق، ثم الأخ لأب، ثم أولادهم وإن سفلوا، ثم العمومة فإن عدم جميع العصبات، زوجها القاضي الشرعي، وانظر الفتويين رقم: 63279، ورقم: 22277.
لكن ننبه إلى أن المرأة إذا كانت تاركة للصلاة بالكلية فهي على خطر عظيم، فالصلاة أعظم أمور الدين بعد الإيمان وتركها جحوداً يخرج من الملة، وتركها تكاسلاً قد عدّه بعض العلماء كفراً مخرجا من الملة فعلى هذا القول لا يصح الزواج من المرأة ما دامت تاركة للصلاة، وعلى القول بعدم كفرها فالزواج منها صحيح، لكن إذا لم يكن أملك قويا في إصلاحها فالأولى البحث عن زوجة ذات دين، وانظر الفتوى رقم: 24855.
وأما عبارة: العرق دساس ـ فقد سبق بيان معناها في الفتوى رقم: 37051.
وقد وردت العبارة في حديث بلفظ: تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس ـ والحديث بهذا اللفظ ضعيف، كما بيناه في الفتوى رقم: 24520.
وورد الحديث بروايات أخرى دون لفظ: فإن العرق دساس ـ ومعظمها قد ضعفه العلماء، وعلى فرض صحة الحديث فالظاهر منه أنّ المقصود اعتبار الدين والخلق في المرأة ذاتها وليس في أبويها أو نسبها، قال المناوي في شرح هذا الحديث: أي لا تضعوا نطفكم إلا في أصل طاهر.
والله أعلم.