الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس من البر إعانة الأب على ظلم الأم بل منعه من ذلك

السؤال

أنا شاب متزوج وأسكن في نفس منزل العائلة، ولكن في شقة مستقلة، من صغري وحتى الآن صاحب القرار بالمنزل هو أبي و أمي، لا أستطيع فعل أي شيء أو حتى رأي، فأبي دكتاتوري في هذا الأمر، من بداية زواجهم وهم يعملون، ولكن راتب أمي على حساب أبي مباشرة، ليس لها أي سلطة عليه، وتأخذ مصروفها مثلنا نحن الأبناء وقد يكون أقل، وبصراحة أكثر هو متسلط على أمي ويغلط عليها، مع العلم أنهما في الستين من العمر، ولديهم 13 حفيدا وهي لا ترد عليه، وينكد عليها مرارا، ودائما يقول لها أريد أن أتزوج، والفارق في الدين، فأمي تصلي وتقرأ القرآن وتدعو وقريبة من رب العالمين، بعكسه فهو يصلي ويصوم ولكن بالمعاملة بعيد عن الدين، فهو شديد التكبر والتسلط لكنه مقتنع أنه متدين، خلال العام الفائت كان بالسويد عند أخي، وتعرف على امرأة مطلقة عربية من نفس جنسيتنا وعرض عليها الزواج ويتبادلون الرسائل عن طريق الجوال حتى الآن.
ما رأيك عند المواجهة مع أبي عندما يريد الزواج هل أقف معه أو مع أمي. رأيي الشخصي أن أقف مع أمي لأنصرها مرة واحدة في حياتها مع أبي التي استمرت أكثر من أربعين سنة تحملت بها تكبره وغلطه عليها وعلى أهلها.
والسؤال الأهم عند سفر أبي إلى السويد العام الفائت يوجد لأمي صندوق ذهب وهو الشيء الوحيد الذي تملكه، فجميع الأموال المنقولة وغير المنقوله باسم أبي، وهو يعتبر أيضا أن الذهب له، وأن كل شيء له، وليس لأحد وحتى أمي الحق في أي شيء، طلبت من أمي أن أضع الذهب في صناديق الأمانة في البنك ووضعتها وهي باسمي والمفتاح في حوزتي، ولكن أمي طلبت مني أن لا أعطي المفتاح لأبي وأن لا آخذه للصندوق؛ لأنه عندما جاء من السفر طلب أن يرى الصندوق، وجاء إلى البنك وأخذ جزءا من الذهب وقام ببيعه بما يقدر بثمانية آلاف دولار وهو ليس بحاجة إلى مال، فالحالة المادية ممتازة جدا، أبي طلب مني أن أضع اسمه وكيلا على الصندوق فأخبرته أن ذلك غير ممكن رغم أني أستطيع وضع اسمه وكيلا على الصندوق. إذا طلب مني أن أفتح الصندوق هل أفتحه له أو أنفذ طلب أمي بأن أقول له إن المفتاح مع أمي وهي سترفض إعطاءه المفتاح، ولكنه سيتهمني مباشرة بالتآمر وأني أستطيع فتح الصندوق لأنه باسمي. فماذا أفعل هل أنصر أمي ولو لمرة واحدة في حياتها أو أسمع كلام أبي. ولكم الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الحال على ما ذكرت من ظلم أبيك لأمك ومعاملته القاسية لها، فلا شك في أن هذا خلق سيء مخالف لما أمر الله به من حسن العشرة، وإذا كانت أمك قد صبرت عليه كل هذه المدة فهذا مما يدل على حكمتها وحسن خلقها، فربما لو قابلت إساءته بالإساءة لحصل الشقاق وتم الطلاق والفراق، وكنتم الضحية الأولى بسبب ذلك. وعلى كل يجب عليك البر بأبيك والإحسان إليه وإن قصر وأساء إلى أمك، فحقه في البر والإحسان لا يسقط بحال، وراجع الفتوى رقم 137603.

وزواجه من امرأة ثانية مباح له إن كان قادرا على العدل بينهما، فمجرد إقدامه على الزواج من ثانية ليس فيه ظلم لأمك، فليس لك الحق إذن في الاعتراض عليه في ذلك وإلا كنت عاقا له. وانظر الفتوى رقم: 1342. وهذا فيما يتعلق بأمر زواجه.

وأما إذا طلب منك إعطاءه مفتاح الصندوق فلا تجب عليك طاعته، ولا يجوز لك إعطاؤه له إلا إذا أذنت لك أمك بذلك لأنها صاحبة الحق، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يحل مال امريء مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه أحمد. والطاعة إنما تجب في المعروف، وليس من المعروف إعانة الأب على الظلم. ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم 96815.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني