السؤال
ما تفسير قوله تعالى: ليأكلوا من ثمره وماعملته أيديهم أفلا يشكرون؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في تفسير الشيخ السعدي للآية الكريمة: جعلنا في الأرض تلك الأشجار، والنخيل والأعناب، ليأكلوا من ثمره قوتا وفاكهة، وأدما ولذة، والحال أن تلك الثمار: ما عملته أيديهم ـ وليس لهم فيه صنع، ولا عمل، إن هو إلا صنعة أحكم الحاكمين وخير الرازقين، وأيضا فلم تعمله أيديهم بطبخ ولا غيره، بل أوجد الله هذه الثمار، غير محتاجة لطبخ ولا شيء، تؤخذ من أشجارها فتؤكل في الحال: أفلا يشكرون ـ من ساق لهم هذه النعم، وأسبغ عليهم من جوده وإحسانه، ما به تصلح أمور دينهم ودنياهم، أليس الذي أحيا الأرض بعد موتها، فأنبت فيها الزروع والأشجار، وأودع فيها لذيذ الثمار، وأظهر ذلك الجنى من تلك الغصون، وفجر الأرض اليابسة الميتة بالعيون، بقادر على أن يحيي الموتى؟ بل، إنه على كل شيء قدير. اهـ
فاللام في قوله تعالى ليأكلوا تعليلية يعني أن الله فعل ذلك فاحيا الأرض وأنبت فيها النبات والثمار ليأكل العباد من ثمره ويشكروا الله على ما أنعم به عليهم من هذه النعم التي لا تعد ولا تحصى، واختلف في ما عملته هل ما نافية أو موصولة، فقد قال ابن كثير في التفسير: وقوله: وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ ـ أي: وما ذاك كله إلا من رحمتنا بهم، لا بسعيهم ولا كدهم، ولا بحولهم وقوتهم، قاله ابن عباس وقتادة، ولهذا قال: أَفَلاَ يَشْكُرُونَ ـ أي: فهلا يشكرونه على ما أنعم به عليهم من هذه النعم التي لا تعد ولا تحصى. اهـ.
ويصح أن تكون: ما ـ هنا موصولة فيكون المعنى: ليأكلوا من ثمره ومن الذي عملته أيديهم من هذه الثمار كالعصير الناتج منها، وكغرسهم لتلك الأشجار وتعهدها بالسقي وغيره، إلى أن آتت أكلها، قال الشوكاني: وقوله: وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ ـ معطوف على ثمره، أي: ليأكلوا من ثمره، ويأكلوا مما عملته أيديهم كالعصير والدبس ونحوهما وكذلك ما غرسوه وحفروه على أن: ما ـ موصولة، وقيل: هي نافية، والمعنى: لم يعملوه بأيديهم، بل العامل له هو الله. اهـ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني