الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما يلزم الزوج إذا قال لامرأته علي الحرام من ديني لا أجامعك

السؤال

عندي سؤال يا فضيلة الشيخ: زوجي قال لي: علي الحرام من ديني مانا هاجي جمبك تاني ـ يعني أنه لن يحدث جماع بينا ثانية، فهل هذا يعني أنني حرمت عليه أو تكون عليه كفارة أو ماذا؟ عندي23سنة وزوجي 40سنة وهو كثير الحلف ب:علي الطلاق وعلي الحرام من ديني ـ وبعد أن يحلف يقول لي أنا والله ما يكون في نيتي شيء أكثر من تخويفك وإسكاتك فقط، أرجو الرد.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما ذكرته عن زوجك من التساهل في أمر الطلاق يعتبر استهزاء بأحكام الله تعالى، وهذا من الخطورة بمكان، فقد ثبت النهي عنه والتحذير منه، قال تعالى: وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. {البقرة:231}.

قال ابن العربي في أحكام القرآن: ومن اتخاذ آيات الله هزوا ما روي عن ابن عباس أنه سئل عن رجل قال لامرأته أنت طالق مائة، فقال: يكفيك منها ثلاث والسبعة والتسعون اتخذت بها آيات الله هزوا، فمن اتخاذها هزوا على هذا مخالفة حدودها فيعاقب بإلزامها، وعلى هذا يتركب طلاق الهازل. انتهى.

ثم إن الزوجة يلحقها الطلاق إن كانت في العصمة وقت إيقاع الزوج له، لكون زوجها قد راجعها قبل تمام عدتها من طلاق سابق، أو لكونها لا تزال في أثناء العدة من طلاق رجعي أو لكونها لم تطلق أصلا، فأي طلاق يسنده الزوج إليها بلفظ صريح ولو هازلا به، أو بلفظ كناية من كناياته وهو يقصد إيقاعه فإنها تطلق به، وإن وقع منه طلاقها بعد انقطاع العصمة أو انقضاء العدة من غير ارتجاع فهو غير نافذ، لكونه لم يصادف محلا، وراجعي الفتوى رقم: 154665.

وما تحصل به الرجعة بيناه في الفتوى رقم: 30067.

وبناء على ما سبق، فإن كان زوجك قد تلفظ بقوله: علي الطلاق ـ ثلاث مرات ـ مع الحنث ـ وهو يعي ما يقول وأنت في عصمته فقد حصلت البينونة الكبرى بينك وبينه، ولا تحلين له حتى تنكحي زوجا غيره ـ نكاحا صحيحا نكاح رغبة لا نكاح تحليل ـ ثم يطلقك بعد الدخول، والمعاشرة بينكما في هذه الحالة محرمة، مع التنبيه على أن الطلاق إن كان في حيض أو نفاس أو تعدد في طهر، أو وقع في طهر حصل فيه جماع أو قبل رجعة أو تجديد عقد قد رجح شيخ الإسلام ابن تيمية عدم وقوعه والمفتى به عندنا هو وقوع الطلاق في كل ذلك، وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 129665.

كما قال شيخ الإسلام أيضا بلزوم كفارة يمين إن كان الزوج لا يقصد طلاقا، والراجح مذهب الجمهور، وراجعي الفتوى رقم: 19162.

هذا بالنسبة لما ذكرته من كثرة حلف زوجك ب: علي الطلاق ـ أما بالنسبة لقوله: علي الحرام من ديني ـ لا أجامعك مثلا أو حلفه بهذا اللفظ على شيء آخر فلا يلزمه في الحنث فيه طلاق ولا كفارة عند الجمهور، لكن الحلف بهذا اللفظ منكر شنيع فعلى زوجك أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى فورا ويكثر من الاستغفار ولا يعود إلى مثله، وراجعي الفتوى رقم: 141993.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني