السؤال
جزاكم الله كل خير على هذا المجهود الطيب، هناك بعض الكَتاب والروائيين ممن يسمون أنفسهم بالأدباء محسوبون على المسلمين، ولكنهم يستخدمون في كتاباتهم إشارات لها دلالات جنسية بإمكانها أن تشعل نار الشهوة والرذيلة بين الشباب والفتيات، ومن أمثال هؤلاء كاتبة جزائرية اسمها ـ أحلام مستغانمي ـ حيث تقوم بدس السم في العسل من خللا تضمين رواياتها بإشارات ودلالات جنسية، كما أن هناك شعراء يكتبون قصائد تحميل في طياتها دلالات وإشارات جنسية أنا أدرك أن هناك مشكلة كبيرة في هذه الأمور ولكن نريد منكم رسالة إلى الشباب المسلم وبشكل خاص الفتيات حيث إن روايات مستغانمي اشتهرت بقوة وسمعنا عن فتيات فسدن بسبب هذه الكتابات، وبارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحن لم يكن لدينا علم بمحتوى ما كتبته الروائية المذكورة ولا بحقيقة ما أسماه السائل دلالات وإشارات، وعليه فلا يمكن لنا أن نحكم على ما لاعلم لنا بحقيقته. ولكن على وجه العموم نقول: إن من أعظم مقاصد الإسلام حفظ دين المسلمين من الفتن وأسبابها، ومن أعظم الفتن فتنة الرجال بالنساء، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد ـ رضي الله عنهما: ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء.
ومن هنا جاء الإسلام بسد الذرائع إلى مثل هذه الفتن، فحرم كل ما يؤدي إليها من النظر المحرم والخلوة والاختلاط ونحو ذلك لأن هذه الأمور قد تؤدي إلى إثارة الشهوة وبالتالي السعي إلى الوقوع في الفاحشة، فننصح أولا:
الكتاب عموما بأن يتقوا الله في أمة الإسلام وشباب المسلمين، وأن يتذكروا بأنهم لله عز وجل ملاقون، وبين يديه واقفون، وعلى أعمالهم محاسبون ومجزيون، قال الله تعالى: وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ {البقرة:281}.
وقال: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ {آل عمران:30}.
وصدق من قال:
وما من كاتب إلا سيفنى ويبقى الدهرَ ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء يسرك في القيامة أن تراه.
وثانيا: شباب هذه الأمة، فإننا ندعوهم إلى تفويت الفرصة على أعداء الإسلام وممن يخدمونهم من حيث يشعرون أو من حيث لا يشعرون، فإن هذه الكتابات تأتي في إطار الغزو الفكري على أمة الإسلام والسعي لتدمير أخلاق المسلمين والشباب منهم خاصة، والمرأة على وجه أخص، لتكون الأمة ـ مع كثرتها ـ أمة معطلة وخاوية من وقود الإيمان الذي يحركها ويبث الروح فيها، ويصدق عليها الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود عن ثوبان ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت.
وثالثا: العلماء والدعاة والمصلحين بأن يكون شباب الأمة محل اهتمامهم، وأن يجعلوا لهم جزءا كبيرا من جهدهم ووقتهم ويهيؤوا لهم بيئة صالحة تكون محضنا لهم، وأن يعملوا على تزكية نفوسهم بالعلم النافع والعمل الصالح، فهو السلاح الذي يدافعون به عن أنفسهم، ويحصنونها به عن مغريات الفتن، لا أن يكون مجرد جانب التحذير هو النهج الذي يسيرون عليه في تربيتهم، فإن نتائجه قد تكون عكس المقصود.
والله أعلم.