السؤال
ما حكم ترك الزوجة بيت الزوجية والأطفال والأسرة والتزوج من رجل آخر على الورق؟ وماذ يفعل الزوج الأول عند عودة الزوجة في هذه الحالة؟ وشكرا وبارك الله فيكم ونفع بكم الأمة.
ما حكم ترك الزوجة بيت الزوجية والأطفال والأسرة والتزوج من رجل آخر على الورق؟ وماذ يفعل الزوج الأول عند عودة الزوجة في هذه الحالة؟ وشكرا وبارك الله فيكم ونفع بكم الأمة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي العلم أولا أن من تزوجت وهي في عصمة زوجها ـ سواء كان زواجها موثقا أم لا ـ فإن زواجها باطل ويجب على الزوج الثاني فراقها فورا، لأنها مشغولة بالزوج الأول، وسبق بيان هذا الحكم في الفتوى رقم: 144093.
ثم على زوجها الأول إذا رجعت إليه أن يتركها من غير وطء حتى تنقضي مدة الاستبراء، والاستبراء هو أن تحيض ثلاث مرات، أو تتربص ثلاثة أشهر إن لم تكن ممن تحيض، أو تضع حملها إن كانت حاملا، وهذا التربص من أجل اختبار براءة الرحم من الحمل، ولا تصدق في نفي الوطء لو أخبرت أنها لم توطأ، يقول الشيخ خليل بن إسحاق: ووجب إن وطئت بزنا أو شبهة, فلا يطأ الزوج, ولا يعقد, أو غاب غاصب أو ساب أو مشتر ولا يرجع لها قدرُها ـ قال في منح الجليل شارحا: ووجب على الحرة زوجة كانت أو أيما إن وطئت بضم الواو بزنا أو وطئت بشبهة...إلى أن قال: أو غاب على الحرة غيبة يمكن الوطء فيها غاصب أو ساب بكسر الموحدة مخففة كافر حربي أو مشتر جهلا أو فسقا ثم خلصت من ذلك، لأنها مظنة الوطء، ولا يرجع بضم التحتية وفتح الجيم لها أي لا تصدق الحرة في نفيها وطء من ذكر، لاتهامها بالحياء ودفع المعرة عن نفسها، وفاعل وجب قدرها أي العدة بالتفصيل السابق فذات الحيض غير المتأخر عن زمنه أو المتأخر ثلاثة أقراء واليائسة والصغيرة والباغلة ثلاثة أشهر والمتأخر حيضها بلا سبب أو لمرض والمستحاضة غير المميزة سنة. اهـ.
وقال المواق في التاج والإكليل: وأما الحرة الزانية أو المغتصبة فلا يحل لها أن تتزوج ولا لزوجها أن يطأها حتى ينقضي استبراؤها بثلاث حيض. انتهى
وفي الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين متحدثا عن تعريف الاستبراء: والصواب أن يقال: تربص يقصد منه العلم ببراءة الرحم، وليس ببراءة رحم ملك اليمين فقط، لأن الاستبراء قد يكون في غير المملوكة، وقد سبق أن من وطئت بشبهة ـ على القول الراجح ـ فإن عدتها استبراء، والمزني بها استبراء، والموطوءة بعقد باطل استبراء، وهكذا. انتهى.
والاستبراء عند بعض أهل العلم يحصل بحيضة واحدة وهو ما رجحه ابن قدامة في المغني حيث قال متحدثا عن زنا المتزوجة: قال أحمد: ولا يطؤها حتى يستبرئها بثلاث حيض، وذلك لما روى رويفع بن ثابت, قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم حنين: لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره ـ يعني إتيان الحبالى، ولأنها ربما تأتي بولد من الزنى فينسب إليه، والأولى أنه يكفي استبراؤها بالحيضة الواحدة، لأنها تكفي في استبراء الإماء وفي أم الولد إذا عتقت بموت سيدها, أو بإعتاق سيدها, فيكفي هاهنا, والمنصوص هاهنا مجرد الاستبراء, وقد حصل بحيضة فيكتفى بها. انتهى.
وراجع المزيد في الفتوى رقم: 103618.
وفي سبل السلام للصنعاني: قُلْنَا إذَا كَانَ الْمُرَادُ الِاسْتِبْرَاءُ كَفَتْ حَيْضَةٌ إذْ بِهَا يَتَحَقَّقُ. انتهى.
وإذا أنجبت هذه الزوجة فقد ذكرنا تفصيل لحوق الولد في ذلك، ويمكن أن تراجع فيه الفتويين رقم: 159459، ورقم:154899.
وإذا كانت الزوجة على الصفة المذكورة في السؤال فمن المستحب طلاقها ويحتمل أن يقال بوجوبه، جاء في المغني لابن قدامة: والرابع: مندوب إليه, وهو عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها, مثل الصلاة ونحوها, ولا يمكنه إجبارها عليها, أو تكون له امرأة غير عفيفة، قال أحمد: لا ينبغي له إمساكها، وذلك لأن فيه نقصا لدينه, ولا يأمن إفسادها لفراشه وإلحاقها به ولدا ليس هو منه, ولا بأس بعضلها في هذه الحال, والتضييق عليها، لتفتدي منه, قال الله تعالى: ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ـ ويحتمل أن الطلاق في هذين الموضعين واجب. انتهى.
وننبه أخيرا إلى أن ترك المرأة بيت زوجها بدون إذنه وبغير عذر شرعي معصية ويعتبر نشوزا مسقطا لنفقتها، كما سبق في الفتوى رقم: 163843.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني