السؤال
فتاة مسيحية أسلمت سرا منذ ثلاث سنوات أريد الزواج منها، ولكن عندي بعض العقبات:
أولها: أنها لا تريد إشهار إسلامها، وتفضل أن يكون سرا خوفا من أهلها وعلى أهلها من أثر الصدمة خاصة أنهم كبار سناً، ولذلك سيكون الزواج سرا من ناحية أهلها، لكنني سأعلم أهلي بهذا الزواج.
ثانيها: أنها أسلمت على يد ذئب بشري أقنعها أنها زوجته، لأنه لا ولي لها لأنها مسلمة ووليها ـ أبوها ـ كافر فأنطقوها بلفظ الزواج وكانت نيتها عندما سلمت نفسها له أنه زوجها أمام الله، وقبل أن يترك مكان العمل قال لها إنك لا تستطيعين الزواج من غيري، لأنك زوجتي أمام الله وأشهدنا ربنا على زواجنا، وهذا الشخص كان ينكر أمامي أنه له علاقة بها وكان يتظاهر بمظهر رجل الدين الفاضل ذو اللحية الطويلة والمظهر الخداع ـ سامحه الله.
ثالثا: مما عرفت منها مما حدث بينها وبين هذا الشخص أظن أنها لم تقل كل ما حدث وبدأ ما بداخلي يتغير، فماذا أفعل بالله عليكم؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يصح زواج المرأة بغير ولي، وقد سبق بيان شروط وأركان الزواج الصحيح في الفتوى رقم: 7704.
وما قاله هذا الرجل من كون هذه المرأة زوجته، لأنهما أشهدا الله على الزواج، كلام باطل، فإن الزواج بغير ولي ولا شهود زواج باطل باتفاق الأئمة الأربعة، كما بينّاه في الفتوى رقم: 162497.
لكن لا تتزوج المرأة قبل أن يطلقها هذا الرجل إذا كان يعتقد أنه نكاح سائغ، فإن رفض تطليقها فسخ القاضي نكاحه
قال الرحيباني: وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فِي عَقْدِ الْمُتْعَةِ وَفِيمَا حَكَمْنَا بِهِ أَنَّهُ كَمُتْعَةٍ كَالتَّزْوِيجِ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ، وَجَبَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُطَلِّقَ، فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ، فَسَخَ الْحَاكِمُ النِّكَاحَ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا. اهـ
وإن كان الرجل قد دخل بها فلا يجوز لها أن تتزوج إلا بعد أن تنقضي عدتها منه، قال ابن قدامة: وَإِذَا نَكَحَ رَجُلٌ امْرَأَةً نِكَاحًا مُتَّفَقًا عَلَى بُطْلَانِهِ، مِثْلُ أَنْ يَنْكِحَ ذَاتَ مَحْرَمِهِ، أَوْ مُعْتَدَّةً يَعْلَمُ حَالَهَا وَتَحْرِيمَهَا، فَلَا حُكْمَ لِعَقْدِهِ، وَالْخَلْوَةُ بِهَا كَالْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ، لَا تُوجِبُ عِدَّةً، وَكَذَلِكَ الْمَوْتُ عَنْهَا لَا يُوجِبُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ، وَإِنْ وَطِئَهَا اعْتَدَّتْ لِوَطْئِهِ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ مُنْذُ وَطِئَهَا سَوَاءٌ فَارَقَهَا، أَوْ مَاتَ عَنْهَا.
فإن كانت تلك المرأة صالحة فلا حرج عليك في زواجها بعد أن تنقضي عدتها، بشرط أن يكون الزواج عن طريق وليها، فإن كان كلّ عصبات هذه المرأة كفارا، فالذي يتولى زواجها هو القاضي المسلم، لقوله صلى الله عليه وسلم: فالسلطان وَلِي من لا وَلِي له.
فإن تعذّر وجود القاضي المسلم، فيتولى زواجها رجل يوثق بعدالته من المسلمين، قال ابن قدامة: فإن لم يوجد للمرأة ولي ولا ذو سلطان فعن أحمد ما يدل على أنه يزوجها رجل عدل بإذنها. اهـ
وانظر الفتوى رقم: 10748.
واعلم أن توثيق عقد الزواج ـ وإن لم يكن شرطا لصحته ـ إلا أن تركه قد تترتب عليه مفاسد عظيمة وتضيع بسببه حقوق شرعية خطيرة كالنسب والإرث، وعليه فلا ينبغي التهاون فيه، وانظر الفتوى رقم: 39313.
والخلاصة أنه إن أمكنك الزواج من هذه المرأة زواجا شرعيا موثقا في المحاكم فلا حرج عليك، وإلا فلتنصرف عنها ولتبحث عن غيرها، واعلم أنك ما لم تعقد عليها فهي أجنبية منك عليك أن تعاملها معاملة الأجنبية، ولا تتكلم معها بغير حاجة، واحذر من التهاون في ذلك حتى لا يقع ما لا تحمد عقباه.
والله أعلم.