السؤال
أنا عشت يتيما ثم أجبرت على الزواج من بنت لم أكن أحب الزواج منها، فدارت السنون وأنجبنا أولادا ولكن المحبة لم تلق طريقها إلى قلوبنا بل وتأججت المشاكل إلى درجة أنني كتبت ورقة طلاق بقلمي وسلمتها لأحد أولادي كي يعطيها لأمه. تبين لي أن الطلاق يمر بمراحل ثلاث تسمى العدة . ما رأي الشرع بذلك هل تعتبر تلك طلقة من أصل ثلاث أم أن زوجتي تعتبر مطلقة؟ أفيدونا جزاكم الله عنا خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن في السؤال خلطا بين بعض المفاهيم، وستكون الإجابة على سؤالك في النقاط التالية :
1ـ الطلاق كتابة لا يقع إلا إذا نواه الزوج فإن لم ينوه فلا شيء عليه.
جاء فى المغنى لابن قدامة: إذا كتب الطلاق , فإن نواه طلقت زوجته وبهذا قال الشعبي , والنخعي , والزهري , والحكم , وأبو حنيفة , ومالك وهو المنصوص عن الشافعي. انتهى.
وعليه فإن كنت لا تنوى طلاقا فلا يلزمك شيء، وإن نويته لزمتك طلقة واحدة إن كنت لم ترد أكثر منها وبقي من
العصمة طلقتان، ويحق لك في هذه الحالة مراجعة زوجتك قبل تمام عدتها وهي ثلاث حيضات إن كانت تحيض حيث تخرج من عدتها بالطهر من الحيضة الثالثة بعد الطلاق، أو مضي ثلاثة أشهر إن كانت زوجتك لا تحيض. هذا كله إن لم تكن حاملا، فإن كانت حاملا فعدتها وضع حملها كله، وما تحصل به الرجعة سبق بيانه في الفتوى رقم : 30719.
2ـ العصمة إنما تنقطع بثلاث طلقات قال تعالى:الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة:229}.
قال ابن كثير مفسرا لهذه الآية: هذه الآية الكريمة رافعة لما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام من أن الرجل كان أحق برجعة امرأته وإن طلقها مائة مرة ما دامت في العدة، فلما كان هذا فيه ضرر على الزوجات قصرهم الله إلى ثلاث طلقات، وأباح الرجعة في المرة والاثنتين، وأبانها بالكلية في الثالثة، فقال: الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. انتهى.
3ـ مراحل الطلاق الثلاث إن كنت تقصد منها ما تنقطع به العصمة وتحصل به البينونة الكبرى بين الزوجين فإن ذلك لا يسمى عدة، وتعريف العدة جاء مفصلا فى الموسوعة الفقهية كما يلي :الْعِدَّةُ لُغَةً : مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْعَدِّ وَالْحِسَابِ ، وَالْعَدُّ فِي اللُّغَةِ : الإْحْصَاءُ ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لاِشْتِمَالِهَا عَلَى الْعَدَدِ مِنَ الأْقْرَاءِ أَوِ الأْشْهُرِ غَالِبًا ، فَعِدَّةُ الْمَرْأَةِ الْمُطَلَّقَةِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا هِيَ مَا تَعُدُّهُ مِنْ أَيَّامِ أَقْرَائِهَا ، أَوْ أَيَّامِ حَمْلِهَا ، أَوْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرُ لَيَالٍ ، وَقِيل : تَرَبُّصُهَا الْمُدَّةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهَا ، وَجَمْعُ الْعِدَّةِ : عِدَدٌ ، كَسِدْرَةٍ ، وَسِدَرٍ . وَفِي الاِصْطِلاَحِ : هِيَ اسْمٌ لِمُدَّةٍ تَتَرَبَّصُ فِيهَا الْمَرْأَةُ لِمَعْرِفَةِ بَرَاءَةِ رَحِمِهَا ، أَوْ لِلتَّعَبُّدِ أَوْ لِتَفَجُّعِهَا عَلَى زَوْجِهَا . انتهى.
4ـ ما كان ينبغي أن تكره على الزواج ممن لا تحبها، ومع ذلك فزواجك من فتاة لا تحبها لا يبطل به النكاح كما سبق في الفتوى رقم : 57970.
5ـ ننصحك بالصبر على زوجتك والتغلب على المشاكل التي تظهر بينكما، ولا ينبغي أن يكون عدم الحب سببا لطلاقها خصوصا مع وجود الأولاد وطول الصحبة فليس كل البيوت تبني على الحب كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لرجل أراد طلاق زوجته لكونه لا يحبها، وراجع في ذلك الفتوى رقم : 30318.
والله أعلم.