السؤال
طلقني زوجي طلقتين وأرجعني فيهما حيث تلفظ في المرتين بلفظة أنت طالق وكان في غضب شديد ولكنه بعد وقوع الحادثة يتذكر تلفظه بالطلاق يعني أنه لم يفقد عقله لدرجة أنه لا يتذكر تلفظه بها، وفي المرة الثالثة قال لي أنا في كامل قواي العقلية وأعلم ما أقول أنت طالق فلما علم بما فعل قال لي لقد اتصلت بشيخ وأخبرني أنه إن كانت نيتك ليس للطلاق فلا يقع الطلاق وأنا حقيقة لا آمنه على ديني فأفيدوني رجاء وأنا الآن في بيت أمي وابتدأت العدة من يوم قوله لي أنت طالق الثالثة ولم ألق اهتماما لما قاله من عدم وقوع الطلاق لعدم ثقتي به وأنا أرفع قضية للطلاق في المحكمة، فهل أنا مطلقة الآن؟ وهل كلامه خاطئ؟ أم أنتظر لأعتد بعد وقوع الطلاق في المحكمة؟ أفيدوني بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننبه أولا إلى أن طلاق الغضبان يعتبر نافذا إذا كان يعي ما يقول، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 35727.
وما ذكرته من أن زوجك قد طلقك مرتين بينهما رجعة ثم طلقك ثالثة مدعيا عدم نية الطلاق، فالحكم فيه أن الطلقتين الأوليين نافذتان بلا شك، وبخصوص الطلقة الأخيرة فإن قول زوجك إنه قد اتصل بشيخ وأخبره بأنه إن كانت نيته ليست الطلاق فلا يقع الطلاق.. فإننا لم نفهم القصد منه، فإن كان يقصد أن الطلاق ولو كان صريحا لا يقع إلا إذا نواه الزوج فإن هذا غير صحيح، والطلاق الصريح لا يحتاج لنية، جاء في المغني لابن قدامة: قد ذكرنا أن صريح الطلاق لا يحتاج إلى نية، بل يقع من غير قصد، ولا خلاف في ذلك، ولأن ما يعتبر له القول يكتفى فيه به من غير نية. انتهى.
وفي الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين قال: فإذا وقع الطلاق من أهله فإنه يقع بالصريح قوله: وإن لم ينوه ـ يعني وإن لم ينو الطلاق، مثل إنسان قال لزوجته: أنت طالق، وما نوى شيئاً ولا نوى الطلاق، وهو يعرف أن معنى أنت طالق أنني فارقتك، فإنه يقع الطلاق به وإن لم ينوه، وذلك لأنه فراق معلق على لفظ فحصل به، وليس عملاً يتقرب به الإنسان إلى ربه حتى نقول: إنما الأعمال بالنيات، فمتى وجدتم الفراق مثل البيع والشراء والإجارة والهبة إذا حصل من الإنسان ولو لم ينو ما دام وجد اللفظ.
وقال أيضاً متحدثاً عن طلاق الهازل: فما دام وجد لفظ الطلاق من إنسان عاقل، يعقل ويميز ويدري ما هو، فكونه يقول: أنا ما قصدت أنه يقع، فهذا ليس إليه، بل إلى الله، ثم إن النظر يقتضيه، لأننا لو أخذنا بهذا الأمر وفتحنا الباب لكان كل واحد يدعي هذا لا يبقى طلاق على الأرض. انتهى.
وإن كان القصد أن الزوج تقبل نيته في الطلاق الصريح ـ ديانة ـ إذا ادعى أن له نية، فهذا صحيح ولكنك لم تذكري لنا هنا أن الزوج قد نوى شيئا غير الطلاق حتى ننظر في مدى قبول نيته فيه في الفتوى، وعلى أية حال فما دمت لا تأمنين أن يكون الزوج قد أراد التحايل ليرتجعك ارتجاعا لا يبيحه الشرع فالصواب هو ما فعلته من رفع القضية إلى المحكمة الشرعية، فإن قولها في الموضوع هو الفصل، وهي لا تقبل النية في صريح الطلاق، وإذا حكمت بالطلاق فإنه يعتبر نافذا من يوم تلفظ الزوج به، ومن ذلك اليوم تبدأ العدة.
والله أعلم.