الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يجوز الاستمرار في عمل يعرض للفتنة ولو بأمر الوالدين

السؤال

أنا مغترب في بلد أهلها مسلمون بلا إسلام (كان هذا البلد يرزح تحت الحكم الشيوعي (الاتحاد السوفيتي سابقا) فالزنا وشرب الخمر وأكل الخنزير منتشر بين أهل البلد، أعمل في مجال البناء قي قطاع النفط والغاز، المشروع الحالي عبارة عن جزيرة اصطناعية لاستخراج النفط والغاز.
العمل مختلط فيه رجال ونساء، ومكان السكن أيضا مختلط (عبارة عن سفينة فيها غرف مشتركة بين الأفراد لكن مع فصل بين الجنسين الرجال في غرف والنساء في غرف). وعن الطعام فإنهم يطهون لحم الخنزير ويقدمونه على معظم الوجبات وبجانب الأطعمة الأخرى، وطبعا الأواني الصحون التي نأكل فيها مشتركة ويعاد تنظيفها في نفس المكان ( يعني من الممكن أن نأكل من أوان كان فيها لحم الخنزير سابقا)
وفقا للعرف مشاريع البحر تكون فيها فترة العمل شهر عمل وشهر إجازة، إلا أن بعض الشركات تزيد هذه الفترة حيث تكون الإجازة بعد 3 شهور من العمل للمهندسين و4.5 مقابل 17 يوما إجازة مدفوعة التذاكر للعمالة الأخرى، وهذا للعمالة المستوردة، أما المحليين فخوفا من الدولة لا إحقاقا للحق والعجيب الغريب أنه من غير المسموح وفقا للأوامر الصادرة عن الإدارة إبقاء المحليين زيادة عن هذا الشهر حيث إنه وفقا للقانون عند زيادة مدة العمل عن الشهر، فإنه يتم حساب المدة التي تزيد عن الشهر كإضافي، أما العمالة الوافدة فلو زادت عن الثلاثة أو أربعة شهور ونصف يحسب لها كدوام عادي مع زيادة في مدة الإجازة طرديا مع زيادة مدة العمل عن المدة التي توافقنا عليها في العقد.
أريد أن أتأكد أن فهمي لعقيدة الرزق صحيح أم لا: الله عز وجل ضمن الرزق لعباده وأمرهم بطلب الرزق طاعة لأمره، ولو أن أحدهم توقف عن طلبه كسلا لكان إثما لعدم إطاعته أمر الله في طلبه من عباده طلب الرزق والعمل بجد على تحصيله مخلصا ذلك لله تعالى لا طلبا للثناء والرفعة رياء بين الناس، وبذلك تكون البركة والرزق آت لا محالة وعلينا نحن البشر أن نعمل بإخلاص لتحصيله، والعمل هنا لا يكون بتكليف النفس جهدا لا تطيقه ولا تحتمله، وأن لا يكون فيه ذل ولا محاباة خوفا من انقطاع الرزق.
أنا أنهيت ما يقارب الأربعة أشهر في هذا البلد منها حوالي ثلاثة شهور في مشروع الجزيرة، وصلت إلى حالة من الإرهاق الفكري والتعب النفسي لدرجة أن أفكارا سيئة تخطر على بالي كالزنا، وهذا أمر متعب جدا علي، أريد أن أرجع إلى بلدي وأستقر وأتزوج، إلا أن أهلي دوما يقولون لي اصبر حتى أنهي البيت الذي نبني الآن، وهذا البيت من المتوقع أن ينتهي خلال الشهرين المقبلين بمشيئة الله، وخلا قبل أيام أهلي قالوا لي لعلك أن ترجع في أول الشهر السادس حيث سيكون الزواج فيه وأنا أقول لهم إني غير قادر على التحمل، وهم يقولون اصبر والمشكلة أني كلما أحاول النقاش يغضبون ويحزنون وعلى أساس الذي يصبرك يوما بيصبرك يومين، وذلك لخوفهم أن لا أجد عملا في بلادي وأخاف أن أغضبهم، أو أن أعمل شيئا لا يرضيهم، ولكني أخاف أن أظلم نفسي وأن أظلم زوجتي، وأريد أن أقول إني أخاف أن ما أقوله هو ذريعة لأبرر الكسل في نفسي لأن في بعض الكسل وذلك شيء لا أحبه.
للعلم أنا عقدت على زوجتي منذ حوالي السنة وأنتظر إتمام الزواج على خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما كون الرزق مضمونا فهذه حقيقة ثابتة شرعا، دلت عليها نصوص الوحي الثابتة في الكتاب والسنة، ويمكن الاطلاع على بعض هذه النصوص بالفتوى رقم: 7964. وثمة حقيقة أخرى وهي كما أن الرزق مكتوب فبذل الأسباب في سبيله مطلوب كما سبق بيانه بالفتوى رقم: 101860. والواجب أن يكون السبيل مشروعا، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:" فاتقوا الله وأجملوا في الطلب" ومعناه كما قال المناوي في فيض القدير:أن تطلبوه بالطرق الجميلة المحللة بغير كد ولا حرص ولا تهافت على الحرام والشبهات. اهـ.

والطاعة قد تكون سببا من أسباب الرزق، والمعصية قد تكون سبا في الحرمان منه، وانظر الفتوى رقم 64404. وهذا فيما يتعلق بأمر الرزق عموما.

وأما بخصوص عملك في المكان المذكور فهو ينطوي على مخاطر، ومنها:

أولا: الاختلاط المحرم بين الرجال والنساء.

ثانيا: التواجد في مكان تمارس فيه المنكرات .

ثالثا: وجود أسباب الفتنة وتعرضك لها، وخاصة فيما يتعلق بالفواحش.

فإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز لك الاستمرار في هذا العمل، ولا تجب عليك طاعة أهلك في ذلك ولو كان الآمر الوالدين فضلا عن غيرهما، فإن الطاعة إنما تكون في المعروف، وما فيه ضرر على الولد ليس من المعروف في شيء. وراجع الفتوى رقم: 76303.

ولعلك إن اتقيت الله تعالى أن ييسر لك عملا أفضل منه، قال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق2 - 3}. فاستعن بالله وأكمل زواج، وهذا الزواج نفسه من أسباب الرزق، قال تعالى: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النور:32}، وفي سنن الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني