الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الزواج الصوري لقاء مال

السؤال

سؤالي إلى حضراتكم يتعلق بالزواج بغرض تسوية وضعية إقامتي الحالية, وسأحاول أن أضع سؤالي هذا في إطاره الصحيح كي يتسنى لحضراتكم فهم السؤال .
أنا شاب عربي متواجد في دولة أوروبية منذ سنتين تقريبا في وضعية غير قانونية، مع العلم أنني أتيت إليها لاعتبارات دينية ومادية، فمجال حرية العبادة في بلدي الأصلي ضيق جداً والأوضاع الاقتصادية مزرية للغاية، لذلك فمسألة عودتي إلى بلدي أصبحت مستحيلة في مثل هذه الظروف وقد أتيحت لي فرصة لتسوية وضعيتي القانونية، إذ عرض علي أحد الإخوة هنا مسألة الزواج المدني من إحدى بناته أي الزواج على الورق فقط دون قراءة الفاتحة ودون أن تكون لي أية علاقة معها وذلك مقابل مبلغ مالي فما حكم الشرع في هذه المسألة، وأرجو من حضراتكم أن تفيدوني بالإجابة في أقرب وقت ممكن.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الإقدام على هذا الزواج بالصورة المذكورة في السؤال لا غير مشروع، لأنه من باب اللعب والاستخفاف بهذا الأمر المعظم شرعاً -وهو النكاح- ومن باب وضعه في غير موضعه، وقد قال الله تعالى:وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً [البقرة:231]
مع العلم بأنه لو أقدمتما عليه بهذا الشرط الأخير -وهو أنه لا علاقة بينك وبين المرأة- لبطل الشرط وصح العقد وترتب عليه آثار النكاح الصحيح، كما سبق بيانه في الفتوى: 347542.

والنكاح من الأمور التي هزلها جد، فقد جاء في سنن أبي دواد والترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة. وقد فسر العلماء الهزل بأنه: هو أن يراد بالشيء غير ما وضع له بغير مناسبة بينهما، وهذا هو عين المسألة المطروحة.
لذا فإنا نقول مرة أخرى لا يجوز الإقدام على هذه العملية تحت أي ظرف، وما دفع من مال مقابلها فهو سحت لا يجوز لآخذه، لأنه من باب أكل أموال الناس بالباطل، وقد قال الله تعالى:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً [النساء:29]. وعلى افتراض أن الدافع مضطر ضرورة تبيح له الإقدام على ما لا يجوز بحجة الاضطرار، فبأي وجه يستبيح الآخذ -أبو البنت- هذا المال؟ وبأي جواب يقابل به السؤال الذي سيوجه إليه من أين اكتسبه؟ كما في حديث الترمذي.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني