الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الشك في عدد الطلقات وهل يقع الطلاق عبر رسائل الجوال

السؤال

طلقت زوجتي ولى منها بنت، لا أعلم كم طلقة ثلاثا أو أربعا بسبب الوضع النفسي، حيث أصبت باكتئاب نفسي شديد بعد خروجها من بيتها بدون سبب فقط بناء على رغبة أهلها، علما بأنني كنت أطالبها بالرجوع وهى ترفض أعطيتها صك الطلاق بطلقتين فقط. والآن وبعد سنة ونصف تريد العودة، علما بأن الطلاق عبر رسائل الجوال وكنت أريدها أن ترجع ولكن أهلها يرفضون مما جعل وضعي النفسي يتدهور حيث إنني مصاب بالاكتئاب والوسواس القهري من قبل. هل لزوجتي رجعة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

نريد أولا التنبيه إلى أن قولك: "لا أعلم كم طلقة ثلاثا أو أربعا..." يستدعي الحيرة من جهتين، الأولى أن الشك في عدد الطلاق إذا كان دائرا بين الثلاث والأربع فإن البينونة الكبرى قد حصلت قطعا، وبالتالي فلا معنى لمطالبتها بالرجوع.

والثانية أنك لم تذكر تطليقا لها إلا في قولك: أعطيتها صك الطلاق بطلقتين فقط... فلم ندر من أين جاء دوران الشك بين الثلاث والأربع. اللهم إلا أن تكون بقولك: "علما بأن الطلاق عبر رسائل الجوال..." تقصد أنك أعطيتها طلقات أخرى زيادة على الطلقتين.

وعلى أية حال، فسؤالك قد اشتمل على عدة أمور نجيب عليها بالتفصيل كما يلي :

1ـ المصاب بالوسواس القهري لا يقع منه الطلاق إذا كان تحت تأثير الوسوسة ولو نطق به صريحاً ما لم يرده ويقصده قصداً حقيقياً في حال طمأنينة واستقرار بال، وذلك لأنه مغلوب على أمره في غالب أحواله، وراجع في ذلك الفتوى رقم : 156945.

2ـ الطلاق بالكتابة على الورق أو بواسطة رسائل الهاتف لا يقع إلا مع النية، فإن نواه الزوج فهو نافذ وإن لم ينوه فلا شيء عليه. وراجع فى ذلك الفتوى رقم : 160031.

3ـ من شك في عدد الطلاق هل هو اثنتان أو أكثر مثلا فيحكم بالأقل لأنه المتيقن، وراجع الفتوى رقم : 137758

4ـ الزوجة يلحقها الطلاق إن كانت في العصمة وقت وقوع الطلاق، لكون زوجها قد راجعها قبل تمام عدتها من الطلاق السابق، أو لم يراجعها، لكنها كانت لا تزال في أثناء العدة من طلاق رجعي، وإن وقع منه طلاقها بعد انقطاع العصمة أو انقضاء العدة من غير ارتجاع فهو غير نافذ، لكونه لم يصادف محلا، وراجع الفتوى رقم: 154665.

5ـ الرجعة تصح إذا كانت الزوجة في عدتها من طلاق رجعي، ولا يشترط فيها رضا الزوجة ولا رضا أهلها.

جاء في المغني لابن قدامة : وجملته أن الرجعة لا تفتقر إلى ولي، ولا صداق، ولا رضى المرأة، ولا علمها بإجماع أهل العلم. انتهى.

6ـ لا يجوز لزوجتك الخروج من بيتك إلا بإذنك، وخروجها دون إذن منك يعتبر نشوزا كما تقدم في الفتوى رقم: 163843.

وبناء على هذه المعطيات يمكنك استخلاص الجواب فيما سألت عنه، فإن كان الطلاق لم يلزمك أصلا؛ لكونك لم ترده وتقصده قصداً حقيقياً في حال طمأنينة واستقرار بال، أو كان قد لزمك وراجعت زوجتك قبل تمام عدتها ولم تطلقها بعد الارتجاع فهي الآن في عصمتك ولا حاجة إلى ارتجاعها من جديد.

وإن كان الطلاق قد لزمك ثلاثا فأكثر فقد بانت منك زوجتك بينونة كبرى ولا تحل لك إلا بعد زوج. وإن كان الطلاق أقل من ثلاث فلك أن ترتجعها ما لم تنقض العدة، وإن كانت عدتها قد انقضت فإنها لا تحل لك إلا بعقد جديد.

ولا يخفى ما في حالتك من تشعب واحتمالات كثيرة، فلأجل ذلك ننصحك بمراجعة محكمة شرعية أو مشافهة بعض أهل العلم الثقات لحكاية تفاصيل ما صدر منك.

الله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني