السؤال
أنا متزوجة منذ ثلاث سنوات، ولكنني بعيدة عن زوجي لأنه به مس ومسحور، لم أجلس معه إلا ليلتين ولم يحدث بيننا شيء، نافر مني، صبرت عليه ثلاث سنين، ولكنني الآن أريد أن أطلب منه الطلاق. فهل لي عدة؟ وهل إذا طلبت أنا منه الطلاق فالمهر له ولابد أن أرجعه؟ أفتوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإجابة على سؤالك ستكون فى النقاط التالية :
1ـ المس إن كان المقصود به الجنون فالأصل أنه إذا وجد بأحد الزوجين ثبت للآخر الخيار، كما سبق بيانه فى الفتوى رقم : 50782.
لكن يشترط فى ثبوت الخيار ألا يكون السليم من الزوجين قد علم بعيب الآخر وصدر منه ما يدل على الرضا من قول أو فعل أو تلذذ كما سبق في الفتوى المشار إليها. وجاء فى شرح الخرشي لمختصرخليل المالكى : فإن علم السليم بعيب المعيب، ورضي به بالفعل أو بالقول، أو تلذذ بعد علمه، فلا خيار للسليم. انتهى
وعلى هذا فإنه لا خيار لك ما دمت قد علمت بحالة زوجك ورضيت بالبقاء فى عصمته الفترة المذكورة.
لكن إذا كان حال زوجك على ما ذكرت وحصل لك ضرر من البقاء معه فيجوز لك طلب الطلاق ولا إثم عليك. وراجعى الفتوى رقم :49584.
2ـ إذا لم تحصل خلوة شرعية مع زوجك فلا عدة عليك، وإن كنت قد قبضت مهرا فلا تستحقين إلا نصفه فقط، ويجب عليك رد النصف الباقى لزوجك لقوله تعالى : وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة:237}. وقد اختلف أهل العلم في تفسير الخلوة وتفصيل مذاهبهم هي كما يلى :
ففي شرح الزركشي لمختصر الخرقي الحنبلي: إذا تقرر هذا فقول الخرقي: وإذا خلا بها. معنى الخلوة أن يخلو بها بحيث لا يحضرهما مميز مسلم، ولو أنه أعمى أو نائم، قاله ابن حمدان في رعايته. انتهى.
وجاء في بدائع الصنائع للكاساني: ثم تفسير الخلوة الصحيحة هو أن لا يكون هناك مانع من الوطء لا حقيقي ولا شرعي ولا طبعي، أما المانع الحقيقي فهو أن يكون أحدهما مريضا مرضا يمنع الجماع أو صغيرا لا يجامع مثله أو صغيرة لا يجامع مثلها... وأما المانع الشرعي فهو أن يكون أحدهما صائما صوم رمضان أو محرما بحجة فريضة أو نفل أو بعمرة، أو تكون المرأة حائضا أو نفساء لأن كل ذلك محرم للوطء، فكان مانعا من الوطء شرعا، والحيض والنفاس يمنعان منه طبعا أيضا لأنهما أذى والطبع السليم ينفر عن استعمال الأذى، وأما المانع الطبيعي فهو أن يكون معهما ثالث لأن الإنسان يكره أن يجامع امرأته بحضرة ثالث ويستحي فينقبض عن الوطء بمشهد منه وسواء كان الثالث بصيرا أو أعمى يقظا أو نائما بالغا أو صبيا. انتهى باختصار.
وقال التسولي المالكي في البهجة: ومعناه أن الزوج إذا خلا بزوجته خلوة يمكن شغله منها وإن لم يكن هناك ستر ولا غلق باب ثم طلقها بعد تلك الخلوة وهي مراد المصنف بالبناء كما مر فادعت هي المسيس وادعى هو عدمه فإن القول للزوجة بيمينها للعرف، إذ قل أن يفارقها قبل الوطء، وتستحق جميع مهرها الحال أو ما حل منه عند حلفها وأما المؤجل فتستحقه عند حلول أجله. انتهى.
فإذا كانت الخلوة بينك وبين زوجك قد حصلت حسب التفصيل الذي ذكره أهل العلم، وحصل طلاق فقد وجبت عليك العدة عند المذاهب الثلاثة المذكورة، ووجب لك المهر كاملا عند الحنفية والحنابلة، وأما الشافعية فالأصح عندهم أن الخلوة لا تقوم مقام الدخول كما أن المهر لا يتكمل عند المالكية إلا إذا حصل جماع أو أقامت المرأة في بيت زوجها سنة. جاء فى بلغة المسالك على الفقه المالكى أثناء الحديث عن الأمور التى يتكمل بها المهر، قال: ( و ) بسبب ( إقامة سنة ) ببيت الزوج ولو لم يطأها ولا تلذذ بها ( إن بلغ وأطاقت ) الوطء , وإلا فلا ; تنزيلا لإقامتها السنة عنده بشرطها منزلة الوطء . انتهى.
وراجعى لمزيد الفائدة الفتاوى التالية أرقامها: 129370 / 126317/ 126889.
والله أعلم.